والارتقاء في الحياة وكانت معجزة النبي هي القرآن الذي كان يتلوه المسلمون في حياته والذي سوف يتلوه من بعده ألوف مؤلفة لا حصر لها إلى يوم القيامة ولم تكن معجزته معجزة مادية محسوسة كمعجزات الأنبياء السابقين وقد طالبه قومه بإلحاح بمعجزة حسية ملموسة حتى يؤمنوا برسالته، والقرآن يقص علينا ذلك في قوله تعالى في سورة الإسراء - آية 92. (لن تؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، أو يكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، أو تسقط السماء علينا كما زعمت كسفا، أو تأتى بالله والملائكة قبيلا، أو يكون لك بيت من زخرف، أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا تقرأه) فكان الجواب على هذا التحدي أن قال الرسول بأمر الله (قيل سبحان ربى! هل كنت إلا بشرا رسولا؟) وكان هذا هو الجواب المفحم بالحق والصدق أمام تعنت المتعنتين المطالبين بالبراهين المادية.
لماذا كانت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم هي القرآن؟
إن السر في أن يكون القرآن هو معجزة النبي الكبرى تتجلى في أنها المعجزة المعنوية القدسية ذات الاسرار الروحية المتصلة بالملأ الأعلى، وأن فيه علوما وفيوضات آلهية جعلته الكنز الرباني الخالد على الدهر وأن له البقاء والنماء المعنوي والروحي ما دامت الألسنة ترتل آياته والقلوب تخشع عند سماعها والجلود والجوارح تلين وقت التأثر بها، ولم تشأ إرادة الله الحكيم العليم أن يجعل معجزة النبي معجزة مادية حسية كما كانت معجزات الأنبياء من قبل عندما ظهرت للعيان ثم اختفت لأنها عاشت في ذاكرة الناس مع حياة أنبيائها فقط، فلما ذهبوا ذهبت وانطوت بموتهم، وإنما أرادها الله لنبيه محمد أن تكون معجزته قرآنا خالدا على الدهر، وتبقى معجزة حية ما دام النبي حيا وأن تظل كذلك حية بعد موته