مما يأتي ويذر أمرا ينافيها ومن ضرورته أن يكون ركوبه لأمر مشروع «وجعلوا له من عباده جزءا» متصل بقوله تعالى ولئن سألتهم الخ أي وقد جعلوا له سبحانه بألسنتهم واعتقادهم بعد ذلك الاعتراف من عباده ولدا وإنما عبر عنه بالجزء لمزيد استحالته في حق الواحد الحق من جميع الجهات وقرئ جزؤا بضمتين «إن الإنسان لكفور مبين» ظاهر الكفران مبالغ فيه ولذلك يقولون ما يقولون سبحان الله عما يصفون «أم اتخذ مما يخلق بنات» أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من بيان بطلان جعلهم له تعالى ولدا على الإطلاق إلى بيان بطلان جعلهم ذلك الولد من أخس صنفية والهمزة للإنكار والتوبيخ والتعجب من شانهم وقوله تعالى «وأصفاكم بالبنين» غما عطف على اتخذ داخل في حكم الإنكار والتعجيب الخلاف المشهور والالتفات إلى خطابهم لتأكيد الإلزام وتشديد التوبيخ أي بل اتخذ من خلقه أخس أو حال من فاعله بإضمار قد أو بدونه على الصنفين وختار لكم أفضلهما على معنى هبوا أنكم اجترأتم على إضافة اتخاذ جنس الولد إليه سبحانه مع ظهور استحالته وامتناعه أما كان لكم شيء من العقل ونبذ من الحياء حتى اجترأتم على التفوه بالعظيمة الخارقة للعقول من ادعاء أنه تعالى أثركم على نفسه بخير الصنفين وأعلاهما وترك له شرهما وأدناهما وتنكير بنات وتعريف البنين لتربية ما اعتبر فيهما من الحقارة والفخامة «وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا» الخ استئناف مقرر لما قبله وقيل حال على معنى أنهم نسبوا إليه ما ذكر ومن حالهم أن أحدهم إذا بشر به اغتم والالتفات للإيذان باقتضاء ذكر قبائحهم أن يعرض عنهم وتحكى لغيرهم تعجيبا منها اى إذا أخبر أحدهم بولادة ما جعله مثلا له سبحانه إذ الولد لابد أن يجانس الوالد ويماثله «ظل وجهه مسودا» أي صار أسود في الغاية من سوء ما بشر به «وهو كظيم» مملوء من الكرب والكآبة والجملة حال وقرئ مسود ومسواد على أن في ظل ضمير المبشر ووجهه مسود جملة وقعت خبرا له «أو من ينشأ في الحلية» تكرير للإنكار تثنية للتوبيخ ومن منصوبة بمضمر معطوف على جعلوا أي أو جعلوا من شأنه أن يربى في الزينة وهو عاجر عن أن يتولى لأمره بنفسه فالهمزة لإنكار الواقع واستقباحه وقد جوز انتصابها بمضمر معطوف على اتخذ فالهمزة حينئذ لإنكار الوقوع واستبعاده واقحامها بين المعطوفين لتذكير ما في أم منقطعة من الإنكار وتأكيده والعطف للتغاير العنوان أي أو اتخذ من هذه الصفة الذميمة صفته «وهو» مع ما ذكر من القصور «في الخصام» أي الجدال الذي لا يكاد يخلو عنه الإنسان في العادة «غير مبين» غير قادر على تقرير دعواه وإقامة حجته لنقصان عقله وضعف رأيه وإضافة غير لا تمنع عمل ما بعده في الجار المتقدم لأنه بمعنى النفي وقرئ
(٤٢)