تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٠٩
سبيل الله تعالى وقرئ نزل من التنزيل مبنيا للمفعول ومبنيا للفاعل وأنزل «ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل» عطف على تخشع وقرئ بالتاء على الالتفات للاعتناء بالتحذير وقيل هو نهى عن مماثلة أهل الكتاب في قسوة القلوب بعد ان وبخوا وذلك أن بنى إسرائيل كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم وإذا سمعوا التوراة والإنجيل خشعوا لله ورقت قلوبهم «فطال عليهم الأمد» أي الأجل وقرئ الأمد بتشديد الدال أي الوقت الأطول وغلبهم الجفاء وزالت عنهم الروعة التي كانت تأتيهم من الكتابين «فقست قلوبهم» فهي كالحجارة أو أشد قسوة «وكثير منهم فاسقون» أي خارجون عن حدود دينهم رافضون لما في كتابهم بالكلية «اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها» تمثيل لإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة بإحياء الأرض الميتة بالغيث للترغيب في الخشوع والتحذير عن القساوة «قد بينا لكم الآيات» التي من جملتها هذه الآيات «لعلكم تعقلون» كي تعقلوا ما فيها وتعملوا بموجبها فتفوزوا بسعادة الدارين «إن المصدقين والمصدقات» أي المتصدقين والمتصدقات وقدر قرىء كذلك وقرئ بتخفيف الصاد من التصديق أي الذين صدقوا الله ورسوله «وأقرضوا الله قرضا حسنا» قيل هو عطف على ما في المصدقين من معنى الفعل فإنه حكم الذين اصدقوا أو صدقوا على القراءتين وعقب بان فيه فصلا بين أجزاء الصلة بأجنبي وهو المصدقات وأجيب بان المعنى أن الناس الذين تصدقوا وتصدقن وأقرضوا فهو عطف على الصلة من حيث المعنى من غير فصل وقيل إن المصدقات ليس بعطف على المصدقين بل هو منصوب على الاختصاص كأنه قيل إن المصدقين على العموم تغليبا وأخص المصدقات من بينهم كما تقول إن الذين آمنوا ولا سيما العلماء منهم وعملوا الصالحات لهم كذا لكن لا على أن مدار التخصيص مزيد استحقاقهن لمضاعفة الأجر كما في المثال المذكور بل زيادة احتياجهن إلى التصدق الداعية إلى الاعتناء بحثهن على التصدق لما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار وقيل هو صلة لموصول محذوف معطوف على المصدقين كأنه قيل والذين أقرضوا القرص الحسن عبارة عن التصدق من الطيب عن طيبة النفس وخلوص النية على المستحق للصدقة «يضاعف لهم» على البناء للمفعول مسندا إلى ما بعده من الجار والمجرور وقيل إلى مصدر ما في حيز الصلة على حذف مضاف أي ثواب التصدق وقرئ على البناء للفاعل أي يضاعف الله تعالى وقرئ يضعف بتشديد العين وفتحها «ولهم أجر كريم» مر ما فيه من الكلام «والذين آمنوا بالله ورسله»
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة