تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢١٢
«الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل» بدل من كل مختال فإن المختال بالمال يضن به غالبا ويأمر غيره به أو مبتدأ خبره محذوف يدل عليه قوله تعالى «ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد» فإن معناه ومن يعرض عن الإنفاق فإن الله عني عنه وعن إنفاقه محمود في ذاته لا يضره الأعراض عن شكره بالتقرب إليه بشئ من نعمه وفيه تهديد وإشعار بأن الأمر بالإنفاق لمصلحة المنفق وقرئ فإن الله الغنى «لقد أرسلنا رسلنا» أي الملائكة إلى الأنبياء أو الأنبياء إلى الأمم وهو الأظهر «بالبينات» اى الحجج والمعجزات «وأنزلنا معهم الكتاب» أي جنس الكتاب الشامل للكل «والميزان ليقوم الناس بالقسط» أي بالعدل روى أن جبريل عليه السلام نزل الميزان فدفعه إلى نوح عليه السلام وقال مر قومك يزنوا به وقيل أريد به العدل ليقام به السياسة ويدفع به العدوان «وأنزلنا الحديد» قيل نزل آدم عليه السلام من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة والإبرة وروى ومعه المر والمسحات وعن الحسن وأنزلنا الحديد خلقناه كقوله تعالى وأنزل لكم من الأنعام وذلك ان أوامره تعالى وقضاياه وأحكامه تنزل من السماء وقوله تعالى «فيه بأس شديد» لأن آلات الحرب إنما تتخذ منه «ومنافع للناس» إذ ما من صنعة إلا والحديد أو ما يعمل بالحديد آلتها والجملة حال من الحديد وقوله تعالى «وليعلم الله من ينصره ورسله» عطف على محذوف يدل عليه ما قبله فإنه حال متضمنة للتعليل كأنه قيل ليستعملوه وليعلم الله علما يتعلق به الجزاء من ينصره ورسوله باستعمال السيوف والرماح وسائر الأسلحة في مجاهدة أعدائه أو متعلق بمحذوف مؤخر والواو اعتراضية أي وليعلم الله من ينصره ورسله أنزله وقيل عطف على قوله تعالى ليقوم الناس بالقسط وقوله تعالى «بالغيب» حال من فاعل ينصر أو مفعوله أي غائبا عنهم أو غائبين عنه وقوله تعالى «إن الله قوي عزيز» اعتراض تذييلى جئ به تحقيقا للحق وتنبيها على ان تكليفهم الجهاد وتعريضهم للقتال ليس لحاجته في إعلاء كلمته وإظهار دينه إلى نصرتهم بل إنما هو لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب وإلا فهو غنى بقدرته وعزته عنهم في كل ما يريده «ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم» نوع تفصيل لما أجمل في قوله
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة