تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٠٠
أي كثير النفع لاشتماله على أصول العلوم المهمة في صلاح المعاش والمعاد أو حسن مرضى أو كريم عند الله تعالى وبقوله تعالى لو تعلمون بين الموصوف وصفته وجواب لو إما متروك أريد به نفى علمهم أو محذوف ثقة بظهوره أي لعظمتموه أو لعملتم بموجبه «في كتاب مكنون» أي مصون من غير المقربين من الملائكة لا يطلع عليه من سواهم وهو اللوح «لا يمسه إلا المطهرون» إما صفة أخرى لكتاب فالمراد بالمطهرين الملائكة المنزهون عن الكدورات الجسمانية وأوضار الأوزار أو للقرآن فالمراد بهم المطهرون من الأحداث فيكون نفيا بمعنى النهى أي لا ينبغي أن يمسه إلا من كان على طهارة من الناس على طريقة قوله عليه الصلاة والسلام المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه أي لا ينبغي له أن يظلمه وقيل لا يطلبه إلا المطهرون من الكفر وقرئ المتطهرون والمطهرون بالإدغام والمطهرون من أطهره بمعنى طهره والمطهرون أي أنفسهم أو غيرهم بالاستغفار أو غيره «تنزيل من رب العالمين» صفة أخرى للقرآن وهو مصدر نعت به حتى جرى مجرى اسمه وقرئ تنزيلا «أفبهذا الحديث» الذي ذكرت نعوته الجليلة الموجبة لإعظامه وإجلاله وهو القرآن الكريم «أنتم مدهنون» أي متهاونون به كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونا به «وتجعلون رزقكم» أي شكر رزقكم «أنكم تكذبون» أي تضعون التكذيب موضع الشكر وقرئ وتجعلون شكركم أنكم تكذبون أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به وقيل الرزق المطر والمعنى وتجعلون شكر ما يرزقكم الله تعالى من الغيث أنكم تكذبون بكونه من الله تعالى حيث تنسبونه إلى الأنواء والأول هو الأوفق لسباق النظم الكريم وسياقه فإن قوله عز وجل «فلولا إذا بلغت الحلقوم» الخ تبكيت مبنى على تكذيبهم بالقرآن فيما نطق به قوله تعالى نحن خلقناكم إلى هنا من القوارع الدالة على كونهم تحت ملكوته تعالى من حيث ذواتهم ومن حيث طعامهم وشرابهم وسائر أسباب معايشهم كما ستقف عليه ولولا للتحضيض لإظهار عجزهم وإذا ظرفية أي فهلا إذا بلغت النفس أي الروح وقيل
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة