تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٩٥
بنقائضها «وكانوا يصرون على الحنث العظيم» أي الذنب العظيم الذي هو الشرك ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث أي الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب (وكانوا يقولون) لغاية عتوهم وعنادهم (أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما) أي كان بعض أجزائنا من اللحم والجلد ترابا وبعضها عظاما نخرة وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الأجزاء البادية وإذا متمحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى (أئنا لمبعوثون) لا نفسه لأن ما بعد إن واللام والهمزة لا يعمل فيها قبلها وهو نبعث وهو المرجع للإنكار وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيص إنكاره به فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه في حالة منافية له بالكلية وتكرير الهمزة لتأكيد النكير وتحلية الجملة بان لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما عسى يتوهم من ظاهر النظم فإن تقديم الهمزة لاقتضائها الصدارة كما في مثل قوله أفلا تعقلون على رأى الجمهور فإن المعنى عندهم تعقيب الإنكار لا إنكار التعقيب كما هو المشهور وليس مدار إنكارهم كونهم ثابتين في المبعوثية بالفعل في حال كونهم ترابا وعظاما بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له ومرجعه إلى إنكار البعث بعد تلك الحالة وفيه من الدلالة على غلوهم في الكفر وتماديهم في الضلال مالا مزيد عليه وتكرير الهمزة في قوله تعالى أو آباؤنا الأولون» لتأكيد النكير والواو للعطف على المستكن في لمبعوثون وحسن ذلك الفضل بالهمزة يعنون أن بعث آبائهم الأولين أبعد من الوقوع وقرئ أو آباؤنا قل» ردا الإنكارهم وتحققا للحق إن الأولين والآخرين» من الأمم الذين من جملتهم أنتم وآباؤكم وفي تقديم الأولين مبالغة في الرد حيث كان إنكارهم لبعث آبائهم أشد من إنكارهم لبعثهم مع مراعاة الترتيب الوجودي / لمجموعة / بعد البعث وقرئ لمجموعون «إلى ميقات يوم معلوم» إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم والإضافة بمعنى من كخاتم «ثم إنكم أيها الضالون» عطف على أن الأولين داخل تحت القول وثم للتراخى زمانا أو رتبة المكذبون» أي بالبعث والخطاب لأهل مكة وأضرابهم
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة