تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٩٦
«لآكلون» بعد البعث والجمع ودخول جهنم «من شجر من زقوم» من الأولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره أي مبتدئون الأكل من شجر هو زقوم وقيل من الثانية متعلقة بمضمر هو وصف لشجر أي كائن من زقوم «فمالئون منها البطون» اى بطونكم من شدة الجوع «فشاربون عليه» عقيب ذلك بلا ريث «من الحميم» أي الماء الحار في الغاية وتأنيث ضمير الشجر أولا وتذكيره ثانيا باعتبار المعنى واللفظ وقرئ من شجرة فضمير عليه حينئذ للزقوم وقيل للآكل وقوله تعالى «فشاربون شرب الهيم» كالتفسير لما قبله على طريقة قوله تعالى فكذبوا عبدنا أي لا يكون شربكم شربا معتادا بل يكون مثل شرب الهيم وهي الإبل التي بها الهيام وهو داء يصيبها فتشرب ولا تروى جمع أهيم وهيماء وقيل الهيم الرمال على أنه جمع الهيام بفتح الهاء وهو الرمل إلي لا يتماسك جمع على فعل كسحاب وسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض والمعنى أنه يسلط عليهم من الجوع والتهاب النار في أحشائهم ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل فإذا ملؤا منه بطونهم وهو في غاية الحرارة والمرارة سلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربون شرب الهيم وقرئ شرب الهيم بالفتح وهو أيضا مصدر وقرئ بالكسر على أنه اسم المشروب «هذا» الذي ذكر من أنواع العذاب «نزلهم يوم الدين» أي يوم الجزاء فإذا كان ذلك نزلهم وهو ما يعد للنازل مما حضر فما ظنك بما لهم بعد ما استقر لهم القرار واطمأنت بهم الدار في النار وفيه من التهكم بهم مالا يخف وقرء نزلهم بسكون الزاي تخفيفا والجملة مسوقة من جهته تعالى بطريق الفذلكة مقررة لمضمون الكلام الملقن غير داخلة تحت القول وقوله تعالى «نحن خلقناكم فلولا تصدقون» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى الكفرة بطريق الإلزام والتبكيت والفاء لترتيب التحضيض على ما قبلها أي فهلا تصدقون بالخلق فإن مالا يحققه العلم ولا يساعده بل ينبئ عن خلافه ليس من التصديق في شيء وقيل بالبعث استدلالا عليه بالإنشاء فإن من قدر عليه قدر على الإعادة حتما والأول هو الوجه كما ستحيط به خبرا
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة