تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٠١
الأمر وتربية المهابة ما لا يخفي ووجه تقديم الغيب في الذكر لسعة عالمه وزيادة خطره على الشهادة غني عن البيان وقيل إن الموجودات الغائبة عن الحواس علل أو كالعلل للموجودات المحسوسة والعلم بالعلل علة للعلم بالمعلولات فوجب سبق العلم بالغيب على العلم بالشهادة وعن ابن عباس رضي الله عنهما الغيب ما يسرونه من الأعمال والشهادة ما يظهرونه كقوله تعالى يعلم ما يسرون وما يعلنون فالتقديم حينئذ لتحقيق أن نسبة علمه المحيط بالسر والعلن واحدة على أبلغ وجه وآكده لا لإيهام أن علمه سبحانه بما يسرونه أقدم منه بما يعلنونه كيف لا وعلمه سبحانه بمعلوماته منزه عن أن يكون بطريق حصول الصورة بل وجود كل شيء وتحققه في نفسه علم بالنسبة إليه تعالى وفي هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأمور البارزة والكامنة وإما للإيذان بأن رتبة السر متقدمة على رتبة العلن إذ ما من شيء يعلن إلا وهو أو مباديه القريبة أو البعيدة مضمر قبل ذلك في القلب فتعلق علمه تعالى به في حالته الأولى متقدم على تعلقه به في حالته الثانية «فينبئكم» عقيب الرد الذي هو عبارة عن الأمر الممتد إلى يوم القيامة «بما كنتم تعملون» قبل ذلك في الدنيا والمراد بالتنبئة بذلك الجزاء بحسبه إن خيرا فخير وإن شرا فشر فهو وعد ووعيد «وآخرون» عطف على آخرون قبله أي ومن المتخلفين من أهل المدينة ومن حولها من الأعراب قوم آخرون غير المعترفين المذكورين «مرجون» وقرئ مرجئون من أرجيته وأرجأته أي أخرته ومنه المرجئة الذين لا يقطعون بقبول التوبة «لأمر الله» في شأنهم قال ابن عباس رضي الله عنهما هم كعب بن مالك ومرارة ابن الربيع وهلال بن أمية لم يسارعوا إلى التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة وأصحابه من شد أنفسهم على السواري وإظهار الغم والجزع والندم على ما فعلوا فوقفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى أصحابه عن أن يسلموا عليهم ويكلموهم وكانوا من أصحاب بدر فهجروهم والناس في شأنهم على اختلاف فمن قائل هلكوا وقائل عسى الله أن يغفر لهم فصاروا عندهم مرجئين لأمره تعالى «إما يعذبهم» إن بقوا على ما هم عليه من الحال وقيل إن أصروا على النفاق وليس بذاك فإن المذكورين ليسوا من المنافقين «وإما يتوب عليهم» إن خلصت نيتهم وصحت توبتهم والجملة في محل النصب على الحالية أي منهم هؤلاء إما معذبين وإما متوبا عليهم وقيل آخرون مبتدأ ومرجون صفته وهذه الجملة خبره «والله عليم» بأحوالهم «حكيم» فيما فعل بهم من الإرجاء وما بعده وقريء والله غفور رحيم «والذين اتخذوا مسجدا» عطف على ما سبق أي ومنهم الذين أو نصب على الذم وقرئ بغير واو لأنها قصة على حيالها «ضرارا» أي مضارة للمؤمنين وانتصابه على أنه مفعول له أو مفعول ثان لاتخذوا أو على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر منصوب على الحالية أي يضارون بذلك ضرارا أو على أنه مصدر بمعنى الفاعل وقع حالا من ضمير اتخذوا أي مضارين
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308