تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٤٠
«وما ظلمناهم» بأن أهلكناهم «ولكن ظلموا أنفسهم» بأن جعلوها عرضة للهلاك باقتراف ما يوجبه «فما أغنت عنهم» فما نفعتهم ولا دفعت بأس الله تعالى عنهم «آلهتهم التي يدعون» أي يعبدونها «من دون الله» أوثر صيغة المضارع حكاية للحال الماضية أو دلالة على استمرار عبادتهم لها «من شيء» في موضع المصدر أي شيئا من الإغناء «لما جاء أمر ربك» أي حين مجيء عذابه وهو منصوب بأغنت وقرئ آلهتهم اللاتي ويدعون على البناء للمجهول «وما زادوهم غير تتبيب» أي إهلاك وتخسير فإنهم إنما هلكوا وخسروا بسبب عبادتهم لها «وكذلك» أي ومثل ذلك الأخذ الذي مر بيانه وهو رفع على الابتداء وخبره قوله «أخذ ربك» وقرئ أخذ ربك فمحل الكاف النصب على أنه مصدر مؤكد «إذا أخذ القرى» أي أهلها وإنما أسند إليها للإشعار بسريان أثره إليها حسبما ذكر وقرئ إذ أخذ «وهي ظالمة» حال من القرى وهي في الحقيقة لأهلها لكنها لما أقيمت مقامهم في الأخذ أجريت الحال عليها وفائدتها الإشعار بأنهم إنما أخذوا بظلمهم ليكون ذلك عبرة لكل ظالم «إن أخذه أليم شديد» وجيع صعب على المأخوذ لا يرجى منه الخلاص وفيه ما لا يخفى من التهديد والتحذير «إن في ذلك» أي في أخذه تعالى للأمم المهلكة أو في قصصهم «لآية» لعبرة «لمن خاف عذاب الآخرة» فإنه المعتبر به حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على أحوال عذاب الآخرة وأما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم وزعم أن ليس هو ولا شيء من أحواله مستندا إلى الفاعل المختار وأن ما يقع فيه من الحوادث فإنما يقع لأسباب تقتضيه من أوضاع فلكية تتفق في بعض الأوقات لا لما ذكر من المعاصي التي يقترفها الأمم الهالكة فهو بمعزل من هذا الاعتبار تبا لهم ولما لهم من الأفكار «ذلك» إشارة إلى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة «يوم مجموع له الناس» أي يجمع له الناس للمحاسبة والجزاء والتغيير للدلالة على ثبات معنى الجمع وتحقق وقوعه لا محالة وعدم انفكاك الناس عنه فهو أبلغ من قوله تعالى يوم يجمعكم ليوم الجمع «وذلك» أي يوم القيامة مع ملاحظة عنوان جمع الناس له «يوم مشهود» أي مشهود فيه حيث يشهد فيه أهل السماوات والأرضين فاتسع فيه بإجراء الظفر مجرى المفعول به كما في قوله * في محفل من نواصي الناس مشهود * أي كثير شاهدوه ولو جعل نفس اليوم مشهودا لفات ما هو الغرض من تعظيم اليوم وتهويله وتمييزه عن غيره فإن سائر الأيام أيضا كذلك «وما
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308