السبعة أو إلى العشرة لهم وهم ألوف مؤلفة مما لا يكاد يتوهم وقد أيد ذلك بقوله عز وجل «وما أنت علينا بعزيز» مكرم محترم حتى نمتنع من رجمك وإنما نكف عنه للمحافظة على حرمة رهطك الذين ثبتوا على ديننا ولم يختاروك علينا ولم يتبعوك دوننا وإيلاء الضمير حرف النفي وإن لم يكن الخبر فعليا غير خال عن الدلالة على رجوع النفي إلى الفاعل دون الفعل لا سيما مع قرينة قوله ولولا رهطك كأنه قيل وما أنت علينا بعزيز بل رهطك هم الأعزة علينا وحيث كان غرضهم من عظيمتهم هذه عائدا إلى نفي ما فيه عليه السلام من القوة والعزة الربانيتين حسبما يوجبه كونه على بينة من ربه مؤيدا من عنده ويقتضيه قضية طلب التوفيق منه والتوكل عليه والإنابة إليه وإلى إسقاط ذلك كله عن درجة الاعتداد به والاعتبار «قال» عليه السلام في جوابهم «يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله» فإن الاستهانة بمن لا يتعزز إلا به عز وجل استهانة بجنابه العزيز وإنما أنكر عليهم أعزية رهطه منه تعالى مع أن ما أثبتوه إنما هو مطلق عزة رهطه لا أعزبتهم منه عز وجل مع الاشتراك في أصل العزة لتثنية التقريع وتكرير التوبيخ حيث أنكر عليهم أولا ترجيح جنبة الرهط على جنبة الله تعالى وثانيا بنفي العزة بالمرة والمعنى أرهطي أعز عليكم من الله فإنه مما لا يكاد يصح والحال إنكم لم تجعلوا له تعالى حظا من العزة أصلا «واتخذتموه» بسبب عدم اعتدادكم بمن لا يرد ولا يصدر إلا بأمره «وراءكم ظهريا» أي شيئا منبوذا وراء الظهر منسيا لا يبالي به منسوب إلى الظهر والكسر لتغيير النسب كالأمسى في النسبة إلى الأمس «إن ربي بما تعملون» من الأعمال السيئة التي من جملتها عدم مراعاتكم لجانبه «محيط» لا يخفى عليه منها خافية وإن جعلتموه منسيا فيجازيكم عليها ويحتمل أن يكون الإنكار للرد والتكذيب فإنهم لما ادعوا أنهم لا يكفون عن رجمه عليه السلام لقوته وعزته بل لمراعاة جانب رهطه رد عليهم ذلك بأنكم ما قدرتم الله حق قدره العزيز ولم تراعوا جنابه القوي فكيف تراعون جانب رهطي الأذلة «ويا قوم اعملوا» لما رأى عليه السلام إصرارهم على الكفر وأنهم لا يرعوون عما هم عليه من المعاصي حتى اجترءوا على العظيمة التي هي الاستهانة به والعزيمة على رجمه لولا حرمة رهطه قال لهم على طريقة التهديد اعملوا «على مكانتكم» أي على غاية تمكنكم واستطاعتكم يقال مكن مكانه إذا تمكن أبلغ التمكن وإنما قاله عليه السلام ردا لما ادعوا أنهم أقوياء قادرون على رجمه وأنه ضعيف فيما بينهم لا عزة له أو على ناحيتكم وجهتكم التي أنتم عليها من قولهم مكان ومكانة كمقام ومقامة والمعنى أثبتوا على ما أنتم عليه من الكفر والمشاقة لي وسائر ما أنتم عليه مما لا خير
(٢٣٦)