المصدرية وفيه مع بيان الواقع إيهام لما في اقتصاص أهل الكتاب من القبح والخلل وترك المفعول إما للاعتماد على انفهامه من قوله عز وجل «بما أوحينا» أي بإيحائنا «إليك هذا القرآن» أي هذه السورة فإن كونها موحاة منبىء عن كون ما في ضمنها مقصوصا والتعرض لعنوان قرآنيتها لتحقيق أن الإقتصاص ليس بطريق الإلهام أو الوحي غير المتلو وإما لظهوره من سؤال المشركين بتلقين علماء اليهود وأحسنيته لأنه قد اقتص على أبدع الطرائق الرائعة الرائقة وأعجب الأساليب الفائقة اللائقة كما لا يكاد يخفى على من طالع القصة من كتب الأولين والآخرين وإن كان لا يميز الغث من السمين ولا يفرق بين الشمال واليمين وفي كلمة هذا إيماء إلى مغايرة هذا القرآن لما في قوله تعالى قرآنا عربيا بأن يكون المراد بذلك المجموع فتأمل أو نقص عليك أحسن ما نقص من الأنباء وهو قصة آل يعقوب عليه السلام على أن القصص فعل بمعنى المفعول كالنبأ والخبر أو مصدر سمى به المفعول كالخلق والصيد ونصب أحسن على المفعولية وأحسنيتها لتضمنها من الحكم والعبر ما لا يخفى كمال حسنه «وإن كنت» إن مخففة من الثقيلة وضمير الشأن الواقع اسما لها محذوف واللام فارقة والجملة خبر والمعنى وإن الشان كنت «من قبله» من قبل إيحائنا إليك هذه السورة «لمن الغافلين» عن هذه القصة لم تخطر ببالك ولم تقرع سمعك قط وهو تعليل لكونه موحى والتعبير عن عدم العلم بالغفلة لإجلال شأن النبي صلى الله عليه وسلم وإن غفل عنه بعض الغافلين «إذ قال يوسف» نصب بإضمار اذكر وشروع في القصة إنجازا للوعد بأحسن الإقتصاص أو بدل من أحسن القصص على تقدير كونه مفعولا بدل اشتمال فإن اقتصاص الوقت المشتمل على المقصوص من حيث اشتماله عليه اقتصاص للمقصوص ويوسف اسم عبري لا عربي لخلوه عن سبب آخر غير التعريف وفتح السين وكسرها على بعض القراءات بناء على التلعب به لا على أنه مضارع بني للمفعول أو الفاعل من آسف لشهادة المشهورة بعجمته «لأبيه» يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم «يا أبت» أصله يا أبي فعوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما في الزيادة فلذلك قلبت هاء في الوقف على قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب وكسرتها لأنها عوض عن حرف يناسبها وفتحها ابن عامر في كل القرآن لأنها حركة أصلها أو لأن الأصل يا أبتا فحذف الألف وبقي الفتحة وإنما لم يجز يا أبتي لأنه جمع بين العوض والمعوض وقرئ بالضم إجراء لها مجرى الألفاظ المؤنثة بالتاء من غير اعتبار التعويض وعدم تسكينها كأصلها لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب تحريكها ككاف الخطاب «إني رأيت» من الرؤيا لا من الرؤية لقوله لا تقصص رؤياك هذا تأويل رؤياي ولأن الظاهر أن وقوع مثل هذه الأمور البديعة في عالم الشهادة لا يختص برؤية راء دون راء فيكون طامة كبرى لا يخفى على أحد من الناس «أحد عشر
(٢٥١)