تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٤٤
من ربك» وهي كلمة القضاء بإنظارهم إلى يوم القيامة على حسب الحكمة الداعية إلى ذلك «لقضي بينهم» أي لأوقع القضاء بين المختلفين من قومك بإنزال العذاب الذي يستحقه المبطلون ليتميزوا به عن المحقين وقيل بين قوم موسى وليس بذاك «وأنهم» أي وإن كفار قومك أريد به بعض من رجع إليهم ضمير بينهم للأمن من الإلباس «لفي شك» عظيم «منه» أي من القرآن وإن لم يجر له ذكر فإن ذكر إيتاء كتاب موسى ووقوع الاختلاف فيه لا سيما بصدد التسلية ينادي به نداء غير خفي «مريب» موقع في الريبة «وإن كلا» التنوين عوض عن المضاف إليه أي وإن كل المختلفين فيه المؤمنين منهم والكافرين وقرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر بالتخفيف مع الإعمال اعتبارا للأصل «لما ليوفينهم ربك أعمالهم» أي أجزية أعمالهم واللام الأولى موطئة للقسم والثانية جواب للقسم المحذوف ولما مركبة من الجارة وما الموصولة أو الموصوفة وأصلها لمن فقلبت النون ميما للإدغام فاجتمع ثلاث ميمات فحذفت أولاهن والمعنى لمن الذي أو لمن خلق أو لمن فريق والله ليوفينهم ربك وقرئ لما بالتخفيف على أن ما مزيدة للفصل بين اللامين والمعنى وإن جميعهم والله ليوفينهم الآية وقرئ لما بالتنوين أي جميعا كقوله سبحانه أكلا لما وقرأ أبي وإن كل لما ليوفينهم على أن إن نافية ولما بمعنى إلا وقد قرىء به «إنه بما يعملون» أي بما يعمله كل فرد من المختلفين من الخير والشر «خبير» بحيث لا يخفى عليه شيء من جلائله ودقائقه وهو تعليل لما سبق من توفية أجزية أعمالهم فإن الإحاطة بتفاصيل أعمال الفريقين وما يستوجبه كل عمل بمقتضى الحكمة من الجزاء المخصوص توجب توفية كل ذي حق حقه إن خيرا فخير وإن شرا فشر «فاستقم كما أمرت» لما بين في تضاعيف القصص المحكية عن الأمم الماضية سوء عاقبة الكفر وعصيان الرسل وأشير إلى أن حال هؤلاء الكفرة في الكفر والضلال واستحقاق العذاب مثل أولئك المعذبين وأن نصيبهم من العذاب واصل إليهم من غير نقص وأن تكذيبهم للقرآن مثل تكذيب قوم موسى عليه السلام للتوراة وأنه لو لم تسبق كلمة القضاء بتأخير عقوبتهم العامة ومؤاخذتهم التامة إلى يوم القيامة لفعل بهم ما فعل بآبائهم من قبل وأنهم يوفون نصيبهم غير منقوص وأن كل واحد من المؤمنين والكافرين يوفى جزاء عمله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإستقامة كما أمر به في العقائد والأعمال المشتركة بينه وبين سائر المؤمنين ولا سيما الأعمال الخاصة به عليه السلام من تبليغ الأحكام الشرعية والقيام بوظائف النبوة وتحمل أعباء الرسالة بحيث يدخل تحته ما أمر به فيما سبق من قوله تعالى فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك الآية وبالجملة فهذا الأمر منتظم لجميع محاسن الاحكام الأصلية والفرعية والكمالات النظرية والعملية والخروج من عهدته في غاية ما يكون من الصعوبة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شيبتني سورة هود «ومن تاب معك» أي تاب من الشرك والكفر وشاركك في الإيمان وهو المعنى بالمعية وهو معطوف على
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308