تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٣٩
مثل ما في قولك وعظته فلم يتعظ وصحت به فلم ينزجر فإن الإتيان بالشيء بعد ورود ما يوجب الإقلاع عنه وإن كان استمرارا عليه لكنه بحسب العنوان فعل جديد وصنع حادث فتأمل وترك الإضمار لدفع توهم الرجوع إلى موسى عليه السلام من أول الأمر ولزيادة تقبيح حال المتبعين فإن فرعون علم في الفساد والإفساد والضلال والإضلال فاتباعه لفرط الجهالة وعدم الإستبصار وكذا الحال في قوله تعالى «وما أمر فرعون برشيد» الرشد ضد الغي وقد يراد به محمودية العاقبة فهو على الأول بمعنى المرشد أو ذي الرشد حقيقة لغوية والإسناد مجازي وعلى الثاني مجاز والإسناد حقيقي «يقدم قومه» جميعا من الأشراف وغيرهم «يوم القيامة» أي يتقدمهم من قدمه بمعنى تقدمه وهو استئناف لبيان حاله في الآخرة أي كما كان قدوة لهم في الضلال كذلك يتقدمهم إلى النار وهم يتبعونه أو لتوضيح عدم صلاح مآل أمره وسوء عاقبته «فأوردهم النار» أي يوردهم وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقيق الوقوع لا محالة شبه فرعون بالفارط الذي يتقدم الواردة إلى الماء وأتباعه بالواردة والنار بالماء الذي يردونه ثم قيل «وبئس الورد المورود» أي بئس الورد الذي يردونه النار لأن الورد إنما يراد لتسكين العطش وتبريد الأكباد والنار على ضد ذلك «واتبعوا» أي الملأ الذين اتبعوا أمر فرعون «في هذه» أي في الدنيا «لعنة» عظيمة حيث يلعنهم من بعدهم من الأمم إلى يوم القيامة «ويوم القيامة» أيضا حيث يلعنهم أهل الموقف قاطبة فهي تابعة لهم حينما ساروا دائرة معهم أينما داروا في الموقف فكما اتبعوا فرعون اتبعتهم اللعنة في الدارين جزاء وفاقا واكتفى ببيان حالهم الفظيع وشأنهم الشنيع عن بيان حال فرعون إذ حين كان حالهم هكذا فما ظنك بحال من أغواهم وألقاهم في هذا الضلال البعيد وحيث كان شأن الأتباع أن يكونوا أعوانا للمتبوع جعلت اللعنة رفدا لهم على طريقة التهكم فقيل «بئس الرفد المرفود» أي بئس العون المعان وقد فسر الرفد بالعطاء ولا يلائمه المقام وأصله ما يضاف إلى غيره ليعمده والمخصوص بالذم محذوف أي رفدهم وهي اللعنة في الدارين وكونه مرفودا من حيث أن كل لعنة منها معينة وممدة لصاحبتها ومؤيدة لها «ذلك» إشارة إلى ما قص من أنباء الأمم وبعده باعتبار تقضيه في الذكر والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مبتدأ خبره «من أنباء القرى» المهلكة بما جنته أيدي أهلها «نقصه عليك» خبر بعد خبر أي ذلك النبأ بعض أنباء القرى مقصوص عليك «منها» أي من تلك القرى «قائم وحصيد» أي ومنها حصيد حذف لدلالة الأول عليه شبه ما بقي منها بالزرع القائم على ساقه وما عفا وبطل بالحصيد والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308