تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٣٧
فيه وأبدلوا جهدكم في مضارتي وإيقاع ما في نيتكم وإخراج ما في أمنيتكم من القوة إلى الفعل «إني عامل» على مكانتي حسبما يؤيدني الله ويوفقني بأنواع التأييد والتوفيق «سوف تعلمون» لما هددهم عليه السلام بقوله اعملوا على مكانتكم إني عامل كان مظنة أن يسأل منهم سائل فيقول فماذا يكون بعد ذلك فقيل سوف تعلمون «من يأتيه عذاب يخزيه» وصف العذاب بالإخزاء تعريضا بما اوعدوه عليه السلام به من الرجم فإنه مع كونه عذابا فيه خزي ظاهر حيث لا يكون إلا بجناية عظيمة توجبه «ومن هو كاذب» عطف على من يأتيه لا على أنه قسيمه بل حيث أوعدوه بالرجم وكذبوه قيل سوف تعلمون من المعذب ومن الكاذب وفيه تعريض بكذبهم في ادعائهم القوة والقدرة على رجمه عليه السلام وفي نسبته إلى الضعف والهوان وفي ادعائهم الإبقاء عليه لرعاية جانب الرهط والاختلاف بين المعطوفين بالفعلية والإسمية لأن كذب الكاذب ليس بمرتقب كإتيان العذاب بل إنما المرتقب ظهور الكذب السابق المستمر ومن إما استفهامية معلقة للعلم عن العمل كأنه قيل سوف تعلمون أينا يأتيه عذاب يخزيه وأينا كاذب وإما موصولة أي سوف تعرفون الذي يأتيه عذاب والذي هو كاذب «وارتقبوا» وانتظروا مآل ما أقول «إني معكم رقيب» منتظر فعيل بمعنى الراقب كالصريم أو المراقب كالعشير أو المرتقب كالرفيع وفي زيادة معكم إظهار منه عليه السلام لكمال الوثوق بأمره «ولما جاء أمرنا» أي عذابنا كما ينبئ عنه قوله تعالى سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه أو وقته فإن الإرتقاب مؤذن بذلك «نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا» وهي الإيمان الذي وفقناهم له أو بمرحمة كائنة منا لهم وإنما ذكر بالواو كما في قصة عاد لما أنه لم يسبقه فيها ذكر وعد يجري مجرى السبب المقتضي لدخول الفاء في معلوله كما في قصتي صالح ولوط فإنه قد سبق هنالك سابقة الوعد بقوله ذلك وعد غير مكذوب وقوله إن موعدهم الصبح «وأخذت الذين ظلموا» عدل إليه عن الضمير تسجيلا عليهم بالظلم وإشعارا بأن ما أخذهم إنما أخذهم بسبب ظلمهم الذي فصل فيما سبق فنونه «الصيحة» قيل صاح بهم جبريل عليه السلام فهلكوا وفي سورة الأعراف فأخذتهم الرجفة وفي سورة العنكبوت فأخذتهم الرجفة أي الزلزلة ولعلها من روادف الصيحة المستتبعة لتموج الهواء المفضي إليها كما مر فيما قبل «فأصبحوا في ديارهم جاثمين» ميتين لازمين لأماكنهم لا براح لهم منها ولما لم يجعل متعلق العلم في قوله تعالى سوف تعلمون من يأته عذاب الخ نفس مجيء العذاب بل من يجيئه ذلك جعل مجيئه بعد ذلك أمرا مسلم الوقوع غنيا عن الإخبار به حيث جعل شرطا وجعل تنجية شعيب عليه السلام وإهلاك الكفرة جوابا له ومقصود الإفادة وإنما قدم تنجيته اهتماما بشأنها وإيذانا بسبق الرحمة التي هي مقتضى الربوبية على الغضب الذي يظهر أثره بموجب جرائرهم وجرائمهم «كأن لم يغنوا» أي لم يقيموا
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308