فيه وأبدلوا جهدكم في مضارتي وإيقاع ما في نيتكم وإخراج ما في أمنيتكم من القوة إلى الفعل «إني عامل» على مكانتي حسبما يؤيدني الله ويوفقني بأنواع التأييد والتوفيق «سوف تعلمون» لما هددهم عليه السلام بقوله اعملوا على مكانتكم إني عامل كان مظنة أن يسأل منهم سائل فيقول فماذا يكون بعد ذلك فقيل سوف تعلمون «من يأتيه عذاب يخزيه» وصف العذاب بالإخزاء تعريضا بما اوعدوه عليه السلام به من الرجم فإنه مع كونه عذابا فيه خزي ظاهر حيث لا يكون إلا بجناية عظيمة توجبه «ومن هو كاذب» عطف على من يأتيه لا على أنه قسيمه بل حيث أوعدوه بالرجم وكذبوه قيل سوف تعلمون من المعذب ومن الكاذب وفيه تعريض بكذبهم في ادعائهم القوة والقدرة على رجمه عليه السلام وفي نسبته إلى الضعف والهوان وفي ادعائهم الإبقاء عليه لرعاية جانب الرهط والاختلاف بين المعطوفين بالفعلية والإسمية لأن كذب الكاذب ليس بمرتقب كإتيان العذاب بل إنما المرتقب ظهور الكذب السابق المستمر ومن إما استفهامية معلقة للعلم عن العمل كأنه قيل سوف تعلمون أينا يأتيه عذاب يخزيه وأينا كاذب وإما موصولة أي سوف تعرفون الذي يأتيه عذاب والذي هو كاذب «وارتقبوا» وانتظروا مآل ما أقول «إني معكم رقيب» منتظر فعيل بمعنى الراقب كالصريم أو المراقب كالعشير أو المرتقب كالرفيع وفي زيادة معكم إظهار منه عليه السلام لكمال الوثوق بأمره «ولما جاء أمرنا» أي عذابنا كما ينبئ عنه قوله تعالى سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه أو وقته فإن الإرتقاب مؤذن بذلك «نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا» وهي الإيمان الذي وفقناهم له أو بمرحمة كائنة منا لهم وإنما ذكر بالواو كما في قصة عاد لما أنه لم يسبقه فيها ذكر وعد يجري مجرى السبب المقتضي لدخول الفاء في معلوله كما في قصتي صالح ولوط فإنه قد سبق هنالك سابقة الوعد بقوله ذلك وعد غير مكذوب وقوله إن موعدهم الصبح «وأخذت الذين ظلموا» عدل إليه عن الضمير تسجيلا عليهم بالظلم وإشعارا بأن ما أخذهم إنما أخذهم بسبب ظلمهم الذي فصل فيما سبق فنونه «الصيحة» قيل صاح بهم جبريل عليه السلام فهلكوا وفي سورة الأعراف فأخذتهم الرجفة وفي سورة العنكبوت فأخذتهم الرجفة أي الزلزلة ولعلها من روادف الصيحة المستتبعة لتموج الهواء المفضي إليها كما مر فيما قبل «فأصبحوا في ديارهم جاثمين» ميتين لازمين لأماكنهم لا براح لهم منها ولما لم يجعل متعلق العلم في قوله تعالى سوف تعلمون من يأته عذاب الخ نفس مجيء العذاب بل من يجيئه ذلك جعل مجيئه بعد ذلك أمرا مسلم الوقوع غنيا عن الإخبار به حيث جعل شرطا وجعل تنجية شعيب عليه السلام وإهلاك الكفرة جوابا له ومقصود الإفادة وإنما قدم تنجيته اهتماما بشأنها وإيذانا بسبق الرحمة التي هي مقتضى الربوبية على الغضب الذي يظهر أثره بموجب جرائرهم وجرائمهم «كأن لم يغنوا» أي لم يقيموا
(٢٣٧)