تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٣٧
«إنما مثل الحياة الدنيا» كلام مستأنف مسوق لبيان شأن الحياة الدنيا وقصر مدة التمتع بها وقرب زمان الرجوع الموعود وقد شبه حالها العجيبة الشأن البديعة المثال المنتظمة لغرابتها في سلك الأمثال في سرعة تقضيها وانصرام نعيمها غب إقبالها واغترار الناس بها بحال ما على الأرض من أنواع النبات في زوال رونقها ونضارتها فجأة وذهابها حطاما لم يبق لها أثر أصلا بعد ما كانت غضة طرية قد التف بعضها ببعض وزينت الأرض بألوانها وتقوت بعد ضعفها بحيث طمع الناس وظنوا أنها سلمت من الجوائح وليس المشبه به ما دخله الكاف في قوله عز وجل «كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض» بل ما يفهم من الكلام فإنه من التشبيه المركب «مما يأكل الناس والأنعام» من البقول والزروع والحشيش «حتى إذا أخذت الأرض زخرفها» جعلت الأرض في تزينها بما عليها من أصناف النباتات وأشكالها وألوانها المختلفة المونقة آخذة زخرفها على طريقة التمثيل بالعروس التي قد أخذت من ألوان الثياب والزين فتزينت بها وازينت أصله تزينت فأدغم وقرئ على الأصل وقرئ وأزينت كأغيلت من غير إعلال والمعنى صارت ذات زينة وازيانت كابياضت «وظن أهلها أنهم قادرون عليها» متمكنون من حصدها ورفع غلتها «أتاها أمرنا» جواب إذا أي ضرب زرعها ما يجتاحه من الآفات والعاهات «ليلا أو نهارا فجعلناها» أي زرعها وساء ما عليها «حصيدا» أي شبيها بما حصد من أصله «كأن لم تغن» كأن لم يغن زرعها والمضاف محذوف للمبالغة وقرئ بتذكير الفعل «بالأمس» أي فيما قبل بزمان قريب فإن الأمس مثل في ذلك كأنه قيل لم تغن آنفا «كذلك» أي مثل ذلك التفصيل البديع «نفصل الآيات» أي الآيات القرآنية التي من جملتها هذه الآيات المنبهة على أحوال الحياة الدنيا أي نوضحها ونبينها «لقوم يتفكرون» في تضاعيفها ويقفون على معانيها وتخصيص تفصيلها بهم لأنهم المنتفعون بها ويجوز أن يراد بالآيات ما ذكر في أثناء التمثيل من الكائنات والفاسدات وبتفصيلها تصريفها على الترتيب المحكى إيجادا وإعداما فإنها آيات وعلامات يستدل بها من يتفكر فيها على أحوال الحياة الدنيا حالا ومآلا «والله يدعو إلى دار السلام» ترغيب للناس في الحياة الأخروية الباقية إثر ترغيبهم عن الحياة الدنيا الفانية أي يدعو الناس جميعا إلى دار السلامة عن كل مكروه وآفة وهى الجنة وإنما ذكرت
(١٣٧)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، الأكل (1)، الترتيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308