لا يخلو عن هداية غيره في الجملة وأدناها كونه قدوة له بأن يراه فيسلك مسلكه من حيث لا يدرى والفاء لترتيب الاستفهام على ما سبق من تحقق هدايته تعالى صريحا وعدم هداية شركائهم المفهوم من القصر ومن عدم الجواب المنبىء عن الجواب بالعدم فإن ذلك مما يضطرهم إلى الجواب الحق لا لتوجيه الاستفهام إلى الترتيب كما يقع في بعض المواقع فإن ذلك مختص بالإنكارى كما في قوله تعالى أفمن أتبع رضوان الله الخ ونحوه والهمزة متأخرة في الاعتبار وإنما تقديمها في الذكر لإظهار عراقتها في اقتضاء الصدارة كما هو رأى الجمهور حتى لو كان السؤال بكلمة أي لأخرت حتما ألا يرى إلى قوله تعالى فأي الفريقين أحق بالأمن إثر تقدير ما يلجىء المشركين إلى الجواب من حالهم وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرئ لا يهدى بمعنى لا يهتدى لمجيئه لازما أو لا يهدي غيره وصيغة التفضيل إما على حقيقتها والمفضل عليه محذوف كما اختاره مكي والتقدير أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع ممن لا يهدى أم من لا يهدى أحق الخ وإما بمعني حقيق كما اختاره أبو حيان وأيا ما كان فالاستفهام للإلزام وأن يتبع في حيز النصب أو الجر بعد حذف الجار علي الخلاف المعروف أي بأن يتبع «إلا أن يهدى» استثناء مفرغ من أعمى الأحوال أي لا يهتدى أولا يهدى غيره في حال من الأحوال إلا حال هدايته تعالى له إلي الاهتداء أو إلى هداية الغير وهذا حال إشراف شركائهم من الملائكة والمسيح وعزيز عليهم السلام وقيل المعنى أم من لا يهتدى من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن ينتقل إليه أو إلا أن ينقله الله تعالى من حاله إلى أن يجعله حيوانا مكلفا فيهديه وقرئ إلا أن يهدى من التفعيل للمبالغة «فما لكم» أي أي شيء لكم في اتخاذكم هؤلاء شركاء لله سبحانه وتعالى والاستفهام للإنكار التوبيخي وفيه تعجيب من حالهم وقوله تعالى «كيف تحكمون» أي بما يقضى صريح العقل ببطلانه إنكار لحكمهم الباطل وتعجب منه وتشنيع لهم بذلك والفاء لترتيب كلا الإنكارين على ما ظهر من وجوب اتباع الهادي إلى الحق إن قلت التبكيت بالاستفهام السابق إنما يظهر في حق من يعكس جوابه الصحيح فيحكم بأحقية من لا يهدى بالاتباع دون من يهدى وهم ليسوا حاكمين بأحقية شركائهم لذلك دون الله سبحانه وتعالى بل باستحقاقهما جميعا مع رجحان جانبه تعالى حيث يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قلت حكمهم باستحقاقه تعالى للاتباع بطريق الاشتراك حكم منهم بعدم استحقاقه تعالى لذلك بطريق الاستقلال فصاروا حاكمين باستحقاق شركائهم له دون الله تعالى من حيث لا يحتسبون «وما يتبع أكثرهم» كلام مبتدأ غير داخل في حيز الأمر مسوق من قبله تعالى لبيان عدم فهمهم لمضمون ما أفحمهم وألقمهم الحجر من البرهان النير الموجب لاتباع الهادي إلى الحق الناعي عليهم بطلان حكمهم وعدم تأثرهم من ذلك لعدم اهتدائهم إلى طريق العلم أصلا أن ما يتبع أكثرهم في معتقداتهم ومحاوراتهم إلا ظنا واهيا من غير التفات إلى فرد من أفراد العلم فضلا عن أن يسلكوا مسالك الأدلة الصحيحة الهادية إلى الحق المبنية على المقدمات اليقينية الحقة فيفهموا مضمونها ويقفوا على صحتها وبطلان ما يخالفها من أحكامهم الباطلة فيحصل التبكيت والإلزام فالمراد بالاتباع مطلق الاعتقاد الشامل لما يقارن القبول والانقياد وما لا
(١٤٤)