نوعية لا شخصية فلا يقدح وصفه بالفعل الماضي في تعلق النهي به لما أن متعلق الفعل إنما هو فرد من أفراد ما يتعلق به النهي والانتهاء من مطلق المنكر باعتبار تحققه في ضمن أي فرد كان من أفراده على أن المضي المعتبر في الصفة إنما هو بالنسبة إلى زمان النزول لا إلى زمان النهي حتى يلزم كون النهي بعد الفعل فلا حاجة إلى تقدير المعاودة أو المثل أو جعل الفعل عبارة عن الإرادة على أن المعاودة كالنهي لا تتعلق بالمنكر المفعول فلا بد من المصير إلى أحد ما ذكر من الوجهين أو إلى تقدير المثل أو إلى جعل الفعل عبارة عن إرادته وفي كل ذلك تعسف لا يخفى «لبئس ما كانوا يفعلون» تقبيح لسوء أعمالهم وتعجيب منه بالتوكيد القسمي كيف لا وقد أداهم إلى ما شرح من اللعن الكبير وليس في تسببه بذلك دلالة على خروج كفرهم عن السببية مع الإشارة إلى سببيته له فيما سبق من قوله تعالى لعن الذين كفروا فإن إجراء الحكم على الموصول مشعر بعلية ما في حين الصلة له لما أن ما ذكر في حين السببية مشتمل على كفرهم أيضا «ترى كثيرا منهم» أي من أهل الكتاب ككعب بن الأشرف وأضرابه حيث خرجوا إلى مشركي مكة ليتفقوا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم والرؤية بصرية وقوله تعالى «يتولون الذين كفروا» حال من كثيرا لكونه موصوفا أي يوالون المشركين بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وقيل من منافقي أهل الكتاب يتولون اليهود وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والحسن وقيل يوالون المشركين ويصافونهم «لبئس ما قدمت لهم أنفسهم» لبئس شيئا قدموا ليردوا عليه يوم القيامة «أن سخط الله عليهم» هو المخصوص بالذم على حذف المضاد وإقامة المضاف إليه مقامه تنبيها على كمال التعلق والارتباط بينهما كأنهما شيء واحد ومبالغة في الذم أي موجب سخطه تعالى ومحله الرفع على الابتداء والجملة قبله خبره والرابط عند من يشترطه هو العموم أو لا حاجة إليه لأن الجملة عين المبتدأ أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف ينبئ عنه الجملة المتقدمة كأنه قيل ما هو أو أي شيء هو فقيل هو أن سخط الله عليهم وقيل المخصوص بالذم محذوف وما اسم تام معرفة في محل رفع الفاعلية لفعل الذم وقدمت لهم أنفسهم جملة في محل الرفع على أنها صفة للمخصوص بالذم قائمة مقامه والتقدير لبئس الشيء شيء قدمته لهم أنفسهم فقوله تعالى أن سخط الله عليهم بدل من شيء المحذوف وهذا مذهب سيبويه «وفي العذاب» اي عذاب جهنم «هم خالدون» أبد الآبدين «ولو كانوا» أي الذين يتولون المشركين من أهل الكتاب «يؤمنون بالله والنبي» أي نبيهم «وما أنزل إليه» من الكتاب أولو كان المنافقون يؤمنون بالله ونبينا إيمانا صحيحا «ما اتخذوهم» أي المشركين أو اليهود «أولياء» فإن الإيمان بما ذكر وازع عن توليهم قطعا «ولكن كثيرا منهم فاسقون» خارجون عن الدين والإيمان بالله ونبيهم وكتابهم أو متمردون في النفاق مفرطون فيه
(٧٠)