تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٦٩
الإنجيل أيضا ينهاهم عن الغلو وقوله تعالى «غير الحق» نصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي لا تغلوا في دينكم غلوا غير الحق أي غلوا باطلا أو حال من ضمير الفاعل أي لا تغلوا مجاوزين الحق أو من دينكم أي لا تغلوا في دينكم حال كونه باطلا وقيل نصب على الاستثناء المتصل وقيل على المنقطع «ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل» هم أسلافهم وأئمتهم الذين قد ضلوا من الفريقين أو من النصارى على القولين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم في شريعتهم «وأضلوا كثيرا» اي قوما كثيرا ممن شايعهم في الزيغ والضلال أو إضلالا كثيرا والمفعول محذوف «وضلوا» عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وتوضيح محجة الحق وتبين مناهج الإسلام «عن سواء السبيل» حين كذبوه وحسدوه وبغوا عليه وقيل الأول إشارة إلى ضلالهم عن مقتضى العقل والثاني إلى ضلالهم عما جاء به الشرع «لعن الذين كفروا» أي لعنهم الله عز وجل وبناء الفعل للمفعول للجري على سنن الكبرياء «من بني إسرائيل» متعلق بمحذوف وقع حالا من الموصول أو من فاعل كفروا وقوله تعالى «على لسان داود وعيسى ابن مريم» متعلق بلعن أي لعنهم الله تعالى في الزبور والإنجيل على لسانهما وقيل إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت دعا عليهم داود عليه السلام وقال اللهم العنهم واجعلهم آية فمسخهم الله قردة وأصحاب المائدة لما كفروا قال عيسى عليه السلام اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين والعنهم كما لعنت أصحاب السبت فأصبحوا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبي «ذلك» إشارة إلى اللعن المذكور وإيثاره على الضمير للتنبيه على كمال ظهوره وامتيازه عن نظائره وانتظامه بسببه في سلك الأمور المشاهدة وما فيه من معنى البعد للإيذان بكمال فظاعته وبعد درجته في الشناعة والهول وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «بما عصوا وكانوا يعتدون» والجملة مستأنفة واقعة موقع الجواب عما نشأ من الكلام كأنه قيل بأي سبب وقع ذلك فقيل ذلك اللعن الهائل الفظيع بسبب عصيانهم واعتدائهم المستمر كما يفيده الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل وينبىء عنه قوله تعالى «كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه» فإنه استئناف مفيد بعبارته لاستمرار عدم التناهي عن المنكر ولا يمكن استمراره إلا باستمرار تعاطي المنكرات وليس المراد بالتناهي أن ينهى كل واحد منهم الآخر عما يفعله من المنكر كما هو المعنى المشهور لصيغة التفاعل بل مجرد صدور النهي عن اشخاص متعددة من غير اعتبار أن يكون كل واحد منهم ناهيا ومنهيا معا كما في تراءوا الهلال وقيل التناهي بمعنى الانتهاء يقال تناهي عن الأمر وانتهى عنه إذا امتنع عنه وتركه فالجملة حينئذ مفسرة لما قبلها من المعصية والاعتداء ومفيدة لاستمرارهما صريحا وعلى الأول مفيدة لاستمرار انتفاء النهي عن المنكر بأن لا يوجد فيما بينهم من يتولاه في وقت من الأوقات ومن ضرورته استمرار فعل المنكر حسبما سبق وعلى كل تقدير فما يفيده تنكير المنكر من الوحدة
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302