مع أن الكل سواء في أنها من أحوالهم بالنسبة إلى الغير فلمراعاة المقابلة بين الأيدي والأرجل ولأن انتفاء المشي والبطش أظهر والتبكيت بذلك أقوى وأما تقديم الأعين فلما أنها أشهر من الآذان وأظهر عينا وأثرا هذا وقد قرىء إن الذين تدعون من دونه الله عبادا أمثالكم على إعمال إن النافية عمل ما الحجازية أي ما الذين تدعون من دونه تعالى عبادا أمثالكم بل أدنى منكم فيكون قوله تعالى ألهم الخ تقريرا لنفي المماثلة بإثبات القصور والنقصان «قل ادعوا شركاءكم» بعد ما بين أن شركاءهم لا يقدرون على شيء ما أصلا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يناصبهم للمحاجة ويكرر عليهم التبكيت وإلقام الحجر أي ادعوا شركاءهم واستعينوا بهم على «ثم كيدون» جميعا أنتم وشركاؤكم وبالغوا في ترتيب ما تقدرون عليه من مبادى الكيد والمكر «فلا تنظرون» أي فلا تمهلوني ساعة بعد ترتيب مقدمات الكيد فإني لا أبالي بكم أصلا «إن وليي الله الذي نزل الكتاب» تعليل لعدم المبالاة المنفهم من السوق انفهاما جليا ووصفه تعالى بتنزيل الكتاب للإشعار بدليل الولاية والإشارة إلى علة أخرى لعدم المبالاة كأنه قيل لا أبالي بكم وبشركائكم لأن وليي هو الله الذي أنزل الكتاب الناطق بأنه وليي وناصري وبأن شركاءكم لا يستطيعون نصر أنفسهم فضلا عن نصركم وقوله تعالى «وهو يتولى الصالحين» تذييل مقرر لمضمون ما قبله أي ومن عادته أن يتولى الصالحين من عباده وينصرهم ولا يخذلهم «والذين تدعون» أي تعبدونهم «من دونه» تعالى أو تدعونهم للاستعانة بهم على حسبما أمرتكم به «لا يستطيعون نصركم» أي في أمر من الأمور أو في خصوص الأمر المذكور «ولا أنفسهم ينصرون» إذا نابتهم نائبة «وإن تدعوهم إلى الهدى» إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به مقاصدكم على الإطلاق أو في خصوص الكيد المعهود «لا يسمعوا» أي دعاءكم فضلا عن المساعدة والإمداد وهذا أبلغ من نفي الاتباع وقوله تعالى «وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون» بيان لعجزهم عن الإبصار بعد بيان عجزهم عن السمع وبه يتم التعليل فلا تكرار أصلا والرؤية بصرية وقوله تعالى ينظرون إليك حال من المفعول والجملة الإسمية حال من فاعل ينظرون أي وترى الأصنام رأي العين يشبهون الناظرين إليك ويخيل إليك أنهم يبصرونك لما أنه صنعوا لها أعينا مركبة بالجواهر المضيئة المتلألئة وصوروها صورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه والحال أنهم غير قادرين على الإبصار وتوحيد الضمير في تراهم مع رجوعه إلى المشركين لتوجيه الخطاب إلى كل واحد واحد منهم لا إلى الكل من حيث هو كل الخطابات السابقة تنبيها على أن رؤية الأصنام على الهيئة المذكورة لا تتسنى للكل معا بل
(٣٠٧)