تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
على الله كذبا» أي كذبا عظيما لا يقادر قدره «إن عدنا في ملتكم» التي هي الشرك وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه أي إن عجنا في ملتكم «بعد إذ نجانا الله منها» فقد افترينا على الله كذبا عظيما حيث نزعم حينئذ أن الله تعالى ندا وليس كمثله شيء وأنه قد تبين لنا أن ما كنا عليه من الإسلام باطل وأن ما كنتم عليه من الكفر حق وأي افتراء أعظم من ذلك وقيل إنه جواب قسم محذوف حذف عنه اللام تقديره والله لقد افترينا الخ «وما يكون لنا» أي وما يصح وما يستقيم لنا «أن نعود فيها» في حال من الأحوال أو في وقت من الأوقات «إلا أن يشاء الله» أي إلا حال مشيئة الله تعالى أو وقت مشيئته تعالى لعودنا فيها وذلك مما لا يكاد يكون كما ينبئ عنه قوله تعالى «ربنا» فإن التعرض لعنوان ربوبيته تعالى لهم مما ينبئ عن استحالة مشيئته تعالى لارتدادهم قطعا وكذا قوله تعالى بع إذ نجانا الله منها فإن تنجيته تعالى لهم منها من دلائل عدم مشيئته لعودهم فيها وقيل معناه إلا أن يشاء الله خذلاننا وقيل فيه دليل على أن الكفر بمشيئته تعالى وأيا ما كان فليس المراد بذلك بيان أن العود فيها في حيز الإمكان وخطر الوقوع بناء على كون مشيئته تعالى كذلك بل بيان استحالة وقوعها كأنه قيل وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وهيهات ذلك بدليل ما ذكر من موجبات عدم مشيئته تعالى له «وسع ربنا كل شيء علما» فهو محيط بكل ما كان وما يكون من الأشياء التي من جملتها أحوال عباده وعزائمهم ونياتهم وما هو اللائق بكل واحد منهم فمحال من لطفه أن يشاء عودنا فيها بعد ما نجانا منها مع اعتصامنا به خاصة حسبما ينطق به قوله تعالى «على الله توكلنا» أي في أن يثبتنا على ما نحن عليه من الإيمان ويتم علينا نعمته بإنجائنا من الإشراك بالكلية وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار للمبالغة في التضرع والجؤار وقوله تعالى «ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق» إعراض عن مقاولتهم إثر ما ظهر له عليه الصلاة والسلام أنهم من العتو والعناد بحيث لا يتصور منهم الإيمان أصلا وإقبال على الله تعالى بالدعاء لفصل ما بينه وبينهم بما يليق بحال كل من الفريقين أي احكم بيننا بالحق والفتاحة الحكومة أو أظهر أمرنا حتى ينكشف ما بيننا وبينهم ويتميز المحق من المبطل من فتح المشكل إذا بينه «وأنت خير الفاتحين» تذييل مقرر لمضمون ما قبله على المعنيين «وقال الملأ الذين كفروا من قومه» عطف على قال الملأ الذين الخ ولعل هؤلاء غير أولئك المستكبرين ودونهم في الرتبة شأنهم الوساطة بينهم وبين العامة والقيام بأمورهم حسبما يراه المستكبرون ويجوز أن يكون عين الأولين وتغيير الصلة لما أن مدار قولهم هذا هو الكفر كما أن مناط قولهم السابق هو الاستكبار أي قال أشرافهم الذين أصروا على الكفر لأعقابهم بعد ما شاهدوا صلابة شعيب عليه السلام ومن معه من المؤمنين في الإيمان وخافوا أن يستتبوا قومهم تثبيطا لهم عن الإيمان به وتنفيرا لهم عنه على طريقة التوكيد القسمي والله «لئن اتبعتم شعيبا» ودخلتم في دينه وتركتم جين آبائكم «إنكم إذا لخاسرون» أي في الدين لاشترائكم الضلالة بهداكم أو في الدنيا لفوات ما يحصل لكم بالخس والتطفيف وإذن حرف جواب وجزاء معترض بين اسم إن وخبرها والجملة سادة مسد
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302