لوط عليه السلام وقرئ برفع جواب على أنه اسم كان وإلا أن قالوا الخ خبرها وهو أظهر وإن كان الأول أقوى في الصناعي لأن الأعرف أحق بالاسمية وأيا ما كان فليس المراد أنه لم يصدر عنهم بصدد الجواب عن مقالات لوط عليه السلام ومواعظه إلا هذه المقالة الباطلة كما هو المتسارع إلى الأفهام بل أنه لم يصدر عنهم في المرة الأخيرة من مرات المحاورات الجارية بينهم وبينه عليه السلام إلا هذه الكلمة الشنيعة وإلا فقد صدر عنهم قبل ذلك كثير من الترهات حسبما حكي عنهم في سائر السور الكريمة وهذا هو الوجه في نظائره الواردة بطريق القصر وقوله تعالى «إنهم أناس يتطهرون» تعليل للأمر بالإخراج ووصفهم بالتطهير للاستهزاء والسخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش والخبائث والافتخار بما هم فيه من القذارة كما هو دين الشطار والدعار «فأنجيناه وأهله» اي المؤمنين منهم «إلا امرأته» استثناء من أهله فإنها كانت تسر بالكفر «كانت من الغابرين» أي الباقين في ديارهم الهالكين فيها والتذكير للتغليب ولبيان استحقاقها لما يستحقه المباشرون للفاحشة والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن استثنائها من حكم الإنجاء كأنه قيل فماذا كان حالها فقيل كانت من الغابرين «وأمطرنا عليهم مطرا» أي نوعا من المطر عجيبا وقد بينه قوله تعالى وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل قال أبو عبيدة مطر في الرحمة وأمطر في العذاب وقال الراغب مطر في الحبر وأمطر في العذاب والصحيح أن أمطرنا بمعنى أرسلنا عليهم إرسال المطر قيل كانت المؤتفكة خمس مدائن وقيل كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة فأمطر الله عليهم الكبريت والنار وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم وقيل أمطر عليهم ثم خصف بهم وروي أن تاجرا منهم كان في الحرم فوقف الحجر له أربعين يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه وروي أن امرأته التفتت نحو ديارها فأصابها حجر فماتت «فانظر كيف كان عاقبة المجرمين» خطاب لكل من يتأتى منه التأمل والنظر تعجيبا من حالهم وتحذيرا من أعمالهم «وإلى مدين أخاهم شعيبا» عطف على قوله وإلى عاد أخاهم هودا وما عطف عليه وقد روعي ههنا ما في المعطوف عليه من تقديم المجرور على المنصوب أي وأرسلنا إليهم وهم أولاد مدين بن إبراهيم عليه السلام شعيب بن ميكائيل بن يشجر بن مدين وقيل شعيب بن ثويب بن مدين وقيل شعيب بن يثرون بن مدين وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين مع كفرهم «قال» استئناف مبني
(٢٤٦)