تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢١١
«من ربكم» متعلق بأنزل على أن من لابتداء الغاية مجازا أو بمحذوف وقع حالا من الموصول أو من ضميره في الصلة وفي التعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين مزيد لطف بهم وترغيب لهم في الامتثال بما أمروا به وتأكيد لوجوبه وجعل ما أنزل ههنا عاما للسنة القولية والفعلية بعيد نعم يعمهما حكمه بطريق الدلالة لا بطريق العبارة ولما كان اتباع ما أنزله الله تعالى اتباعا له تعالى عقب الأمر بذلك بالنهي عن اتباع غيره تعالى فقيل «ولا تتبعوا من دونه» أي من دونه أي من دون ربكم الذي أنزل إليكم ما يهديكم إلى الحق ومحله النصب على أنه حال من فافعل فعل النهي أي لا تتبعوا متجاوزين الله تعالى «أولياء» من الجن والإنس بأن تقبلوا منهم ما يلقونه إليكم بطريق الوسوسة والإغواء من الأباطيل ليضلوكم عن الحق ويحملوكم على البدع والأهواء الزائغة أو من أولياء قدم عليه لكونه نكرة إذ لو أخر عنه لكان صفة له أي أولياء كائنة غيره تعالى وقيل الضمير للموصول على حذف المضاف في أولياء أي ولا تتبعوا من دون ما أنزل أباطيل أولياء كأنه قيل ولا تتبعوا من دون دين ربكم دين أولياء وقرئ ولا تبتغوا كما في قوله تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا وقوله تعالى «قليلا ما تذكرون» بحذف إحدى التاءين وتخفيف الذال وقرئ بتشديدها على إدغام التاء المهموسة في الذال المجهورة وقرئ يتذكرون على صيغة الغيبة وقليلا نصب إما بما بعده على أنه نعت لمصدر محذوف مقدم للقصر أو لزمان كذلك محذوف وما مزيدة لتأكيد القلة أي تذكرا قليلا أو زمانا قليلا تذكرون لا كثيرا حيث لا تتأثرون بذلك ولا تعملون بموجبه وتتركون دين الله تعالى وتتبعون غيره ويجوز أن يراد بالقلة العدم كما قيل في قوله تعالى فقليلا ما يؤمنون والجملة اعتراض تذييلي مسوق لتقبيح حال المخاطبين والالتفات على القراءة الأخيرة للإيذان باقتضاء سوء حالهم في عدم الامتثال بالأمر والنهي صرف الخطاب عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم بطريق المبانة وإما نصب على أنه حال من فاعل لا تتبعوا وما مصدرية مرتفعة به أي لا تتبعوا من دونه أولياء قليلا تذكركم لكن لا على توجيه النهي إلى المقيد فقط كما في قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى بل إلى المقيد والقيد جميعا وتخصيصه بالذكر لمزيد تقبيح حالهم بجمعهم بين المنكرين «وكم من قرية أهلكناها» شروع في إنذارهم بما جرى على الأمم الماضية بسبب إعراضهم عن اتباع الله تعالى وإصرارهم على اتباع دين أوليائهم وكم خبرية للتكثير في موضع رفع على الابتداء كما في قولك زيد ضربته والخبر هو الجملة بعدها ومن قرية تمييز والضمير في أهلكناها راجع إلى معنى كم أي كثير من القرى أهلكناها أو في موضع نصب بأهلكناها كما في قوله تعالى إنا كل شيء خلقناه بقدر والمراد بإهلاكها إرادة إهلاكها كما في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة أي أردنا إهلاكها «فجاءها» أي فجاء أهلها «بأسنا» أي عذابنا بياتا مصدر بمعنى الفاعل واقع موقع الحال أي بائتين كقوم لوط «أو هم قائلون» عطف عليه أي أو قائلين من القيلولة نصف النهار كقوم شعيب وإنما حذفت الواو من الحال المعطوفة على أختها استثقالا لاجتماع العاطفين فإن واو الحال حرف عطف قد استعيرت للوصل لا اكتفاء بالضمير كما في جاءني زيد هو فارس
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302