تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢١٥
بالرمز إلى أن لهم حظا من خلقه عليه السلام وتصويره لما أنهما ليسا من الخصائص المقصورة عليه عليه السلام كسجود الملائكة له عليه السلام بل من الأمور السارية إلى ذريته جميعا إذ الكل مخلوق في ضمن خلقه على نمطه ومصنوع على شاكلته فكأنهم الذي تعلق به خلقه وتصويره أي خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور ثم صورناه أبدع تصوير وأحسن تقويم سار إليكم جميعا «ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم» صريح في أنه ورد بعد خلقه عليه الصلاة والسلام وتسويته ونفخ الروح فيه أمر منجز غير الأمر المعلق الوارد قبل ذلك بقوله تعالى فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين وهو المراد بما حكى بقوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم الآية في سورة البقرة وسورة بني إسرائيل وسورة الكهف وسورة طه من غير تعرض لوقته وكلمة ثم ههنا تقتضي تراخيه عن التصوير من غير تعرض لبيان ما جرى بينهما من الأمور وقد بينا في سورة البقرة أن ذلك ظهور فضل آدم عليه السلام بعد المحاورة المسبوقة بالإخبار باستخلافه عليه السلام حسبما نطق به قوله عز وجل وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة إلى قوله وما كنتم تكتمون فإن ذلك أيضا من جملة ما نيط به الأمر المعلق من القسوية ونفخ الروح وعدم ذكره عند الحكاية لا يقتضي عدم ذكره عند وقوع المحكي كما أن عدم ذكر الأمر المعلق عند حكاية الأمر المنجز لا يستلزم عدم مسبوقيته به فإن حكاية كلام واحد على أساليب مختلقة يقتضيها ليست بعزيزة في الكلام العزيز فلعله قد ألقى إلى الملائكة عليهم السلام أولا جميع ما يتوقف عليه الأمر المنجز إجمالا بأن قيل مثلا إني خالق بشرا من طين وجاعل إياه خليفة في الأرض فإذا سويته ونفخت فيه من روحي وتبين لكم فضله فقعوا له ساجدين فخلقه فسواه فنفخ فيه من روحه فقالوا عند ذلك ما قالوا أو ألقي إليهم خبر الخلافة بعد تحقق الشرائط المذكورة بأن قيل إثر نفخ الروح إني جاعل هذا خليفة في الأرض فهنالك ذكروا في حقه عليه السلام ما ذكروا فأيده الله تعالى بتعليم الأسماء فشاهدوا منه عليه السلام ما شاهدوا فعند ذلك ورد الأمر من المنجز اعتناء بشأن المأمور به وإيذانا بوقته وقد حكى بعض الأمور المذكورة في بعض المواطن وبعضها في بعضها اكتفاء بما ذكر في كل موطن عما ترك في موطن آخر والذي يرفع غشاوة الاشتباه عن البصائر السليمة أن ما في سورة ص من قوله تعالى إذ قال ربك للملائكة الآيات بدل من قوله إذ يختصمون فيما قبله من قوله ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون أي بكلامهم عند اختصامهم ولا ريب في أن المراد بالملأ الأعلى وآدم عليهم السلام وإبليس حسبما أطيق عليه جمهور المفسرين وباختصامهم ما جرى بينهم في شأن الخلافة من التقاول الذي من جملته ما صدر عنه عليه السلام من الإنباء بالأسماء ومن قضية البدلية وقوع الاختصام المذكور في تضاعيف ما شرح فيه مفصلا من الأمر المعلق وما علق به من الخلق والتسوية ونفخ الروح فيه وما ترتب عليه من سجود الملائكة وعناد إبليس ولعنه وإخراجه من بين الملائكة وما جرى بعده من الأفعال والأقوال وإذ ليس تمام الاختصام بعد سجود الملائكة ومكابرة إبليس وطرده من أنه أحد المختصمين كما أنه ليس قبل الخلق ضرورة فإذن هو بعد نفخ الروح وقبل السجود بأحد الطريقين المذكورين والله تعالى أعلم «فسجدوا» أي الملائكة عليهم السلام بعد الأمر من غير تلعثم «إلا إبليس» استثناء متصل
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302