تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٠٦
لبيان أحوال أهل الكتابين إثر بيان حال المشركين أي بددوه وبعضوه فتمسك بكل بعض منه فرقة منهم وقرئ فارقوا أي باينوا فإن ترك بعضه وإن كان بأخذ بعض منه ترك للكل ومفارقة له «وكانوا شيعا» أي فرقا تشيع كل فرقة إماما لها قال صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة واستثناء الواحدة من فرق كل من أهل الكتابين إنما هو بالنظر إلى العصر الماضي قبل النسخ وأما بعده فالكل في الهاوية وإن اختلفت أسباب دخولهم فمعنى قوله تعالى «لست منهم في شيء» لست من البحث عن تفرقهم والتعرض لمن يعاصرك منهم بالمناقشة والمؤاخذة وقيل من قتالهم في شيء سوى تبليغ الرسالة وإظهار شعائر الدين الحق الذي أمرت بالدعوة إليه فيكون منسوخا بآية السيف وقوله تعالى «إنما أمرهم إلى الله» تعليل للنفي المذكور أي هو يتولى وحده أمر أولاهم وأخراهم ويدبره كيف يشاء حسبما تقتضيه الحكمة يؤاخذهم في الدنيا متى شاء ويأمر بقتالهم إذا أراد وقيل المفرقون أهل البدع والأهواء الزائغة من هذه الأمة ويرده أنه صلى الله عليه وسلم مأمور بمؤاخذتهم والاعتذار بأن معنى لست منهم في شيء حينئذ أنت برئ منهم ومن مذهبهم وهم براء منك يأباه التعليل المذكور «ثم ينبئهم» أي يوم القيامة «بما كانوا يفعلون» عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة في انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته أي يظهر لهم على رؤوس الأشهاد ويعلمهم أي شيء شنيع كانوا يفعلونه في الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء وقوله تعالى «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» استئناف مبين لمقادير أجزية العاملين وقد صدر ببيان أجزية المحسنين المدلول عليهم بذكر أضدادهم ال عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم يريد من عمل من المصدقين حسنة كتبت له عشر حسنات أي من جاء يوم القيامة بالأعمال الحسنة من المؤمنين إذ لا حسنة بغير غيمان فله عشر حسنات أمثالها تفضلا من الله عز وجل وقرئ عشر بالتنوين وأمثالها بالرفع على الوصف وهذا أقل ما وعد من الأضعاف وقد جاء الوعد بسبعين وبسبعمائة وبغير حساب ولذلك قيل المراد بذكر العشر بيان الكثرة لا الحصر في العدد الخاص «ومن جاء بالسيئة» أي بالأعمال السيئة كائنا من كان من العاملين «فلا يجزى إلا مثلها» بحكم الوعد واحدة بواحدة «وهم لا يظلمون» بنقص الثواب وزيادة العقاب «قل إنني هداني ربي» أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يبين لهم ما هو عليه من الدين الحق الذين يدعون أنهم عليه وقد فارقوه بالكلية وتصدير الجملة بحرف التحقيق لإظهار كمال الاعتناء بمضمونها والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم لمزيد تشريفة أي قل لأولئك المفرقين أرشدني ربي بالوحي وبما نصب في الآفاق والأنفس من الآيات التكوينية «إلى صراط مستقيم» موصل إلى الحق
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302