تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٩٥
أصابه الضرورة الداعية إلى أكل الميتة بوجه من الوجوه المضطرة «غير باغ» في ذلك على مضطر آخر مثله «ولا عاد» قدر الضرورة «فإن ربك غفور رحيم» مبالغ في المغفرة والرحمة لا يؤاخذه بذلك وليس التقييد بالحال الأولى لبيان أنه لو لم يوجد القيد لتحققت الحرمة المبحوث عنها بل للتحذير من حرام آخر هو أخذه حق مضطر آخر فإن من أخذ لحم الميتة من يد مضطر آخر فأكله فإن حرمته ليست باعتبار كونه لحم الميتة بل باعتبار كونه حقا للمضطر الآخر وأما الحال الثاني فلتحقيق زوال الحرمة المبحوث عنها قطعا فإن التجاوز عن القدر الذي يسد به الرمق حرام من حيث إنه لحم الميتة وفي التعرض لوصفي المغفرة والرحمة إيذان بأن المعصية باقية لكنه تعالى يغفر له ويرحمه والآية محكمة لأنها تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يجد فيما أوحي إليه في تلك الغاية غيره ولا ينافيه ورود التحريم بعد ذلك في شئ آخر فلا يصح الاستدلال بها على نسخ الكتاب بخبر الواحد ولا على حل الأشياء التي هي غيرها إلا مع الاستصحاب «وعلى الذين هادوا» خاصة لا على من عداهم من الأولين والآخرين «حرمنا كل ذي ظفر» أي كل ما له أصبع من الإبل والسباع والطيور وقيل كل ذي مخلب وحافر وسمي الحافر ظفرا مجازا والمسبب عن الظلم هو تعميم التحريم حيث كان بعض ذوات الظفر حلالا لهم فلما ظلموا عم التحريم كلها وهذا تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بإبطال ما يخالفه من فرية اليهود وتكذيبهم في ذلك فإنهم كانوا يقولون لسنا أول من حرمت عليه وإنما كانت محرمة على نوح وإبراهيم من بعدهما حتى انتهى الأمر إلينا «ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما» لا لحومهما فإنها باقية على الحل والشحوم الثروب وشحوم الكلى والإضافة لزيادة الربط «إلا ما حملت ظهورهما» استثناء من الشحوم ومخرج لما علق من الشحم بظهورهما عن حكم التحريم «أو الحوايا» عطف على ظهورهما أي ما حملته الحوايا وهي جمع حاوية أو حاوياء كقاصعاء وقواصع أو حوية كسفينة وسفائن «أو ما اختلط بعظم» عطف على ما حملت وهو شحم الألية واختلاطه بالعظم اتصاله بعجب الذنب وقيل هو كل شحم متصل بالعظم من الأضلاع وغيرها «ذلك» إشارة إلى الجزاء والتحريم فهو على الأول نصب على أنه مصدر مؤكد لما بعده وعلى الثاني على أنه مفعول ثان له أي ذلك التحريم «جزيناهم ببغيهم» بسبب ظلمهم وهو قتلهم الأنبياء بغير حق وأكلهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل كقوله تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وكانوا كلما أتوا بمعصية عوقبوا بتحريم شيء مما أحل لهم وهم ينكرون ذلك ويدعون أنها لم تزل محرمة على الأمم فرد ذلك عليهم وأكد بقوله تعالى «وإنا لصادقون» أي في جميع أخبارنا التي من حملتها هذا الخبر ولقد ألقمهم الحجر قوله تعالى كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين روي أنه صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك بهتوا ولم يجسروا أن
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302