تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٠٣
أي صرف الناس عنها فجمع بين الضلال والإضلال «سنجزي الذين يصدفون» الناس «عن آياتنا» وعيد لهم ببيان جزاء إضلالهم بحيث يفهم منه جزاء ضلالهم أيضا ووضع الموصول موضع المضمر لتحقيق مناط الجزاء «سوء العذاب» أي العذاب السيء الشديد النكاية «بما كانوا يصدفون» أي بسبب ما كانوا يفعلون الصدف والصرف على التجدد والاستمرار وهذا تصريح بما اشعر به إجراء الحكم على الموصول من عليه ما في حيز الصلة له «هل ينظرون» استئناف مسوق لبيان أنه لا يتأتى منهم الإيمان بإنزال ما ذكر من البينات والهدى وأنهم لا يرعوون عن التمادي في المكابرة واقتراح ما ينافي الحكمة التشريعية من الآيات الملجئة وأن الإيمان عند إتيانها مما لا فائدة له أصلا مبالغة في التبليغ والإنذار وإزاحة العلل والأعذار أي ما ينتظرون «إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك» حسبما اقترحوا بقولهم لول أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا وبقولهم أو تأتي بالله والملائكة قبيلا وبقولهم لولا أنزل عليه ملك ونحو ذلك أو إلا أن تأتيهم ملائكة العذاب أو يأتي أمر ربك بالعذاب والانتظار محمول على التمثيل كما سيجئ وقرئ يأتيهم بالياء لأن تأنيث الملائكة غير حقيقي «أو يأتي بعض آيات ربك» أي غير ما ذكركما اقترحوا بقولهم أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ونحو ذلك من عظائم الآيات التي علقوا بها إيمانهم والتعبير عنها بالبعض للتهويل والتفخيم كما أن إضافة الآيات في الموضعين إلى اسم الرب المنبىء عن المالكية الكلية لذلك وإضافته إلى ضميره صلى الله عليه وسلم للتشريف وقيل المراد بالملائكة ملائكة الموت وبإتيانه سبحانه وتعالى إتيان كل آياته بمعنى آيات القيامة والهلاك الكلي بقرينة ما بعده من إتيان بعض آياته تعالى على أن المراد به أشراط الساعة التي هي الدخان ودابة الأرض وخسف بالمشرق وخسف بما غرب وخسف بجزيرة العرب والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام ونار تخرج من عدن كما نطق به الحديث الشريف المشهور وحيث لم يكن إتيان هذه الأمور مما ينتظرونه كإتيان ما اقترحوه من الآيات فإن تعليق إيمانهم بإتيانها انتظار منهم له ظاهرا حمل الانتظار على التمثيل المبني على تشبيه حالهم في الإصرار على الكفر والتمادي في العناد إلى أن تأتيهم تلك الأمور الهائلة التي لا بد لهم من الإيمان عند مشاهدتها البتة بحال المنتظرين لها وأنت خبير بأن النظم الكريم بسباقه المنبىء عن تماديهم في تكذيب آيات الله تعالى وعدم الاعتداد بها وسياقه الناطق بعدم نفع الايمان عند إتيان ما ينتظرونه يستدعي أن يحمل ذلك على أمور هائلة مخصوصة بهم إما بأن تكون عبارة عما اقترحوه أو عن عقوبات مترتبة على جناياتهم كإتيان ملائكة العذاب وإتيان أمره تعالى بالعذاب وهو الأنسب لما سيأتي من قوله تعالى قل انتظروا إنا منتظرون وأما حمله على ما ذكر من إتيان ملائكة الموت وإتيان كل آيات القيامة وظهور أشراط الساعة مع شمول إتيانها
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302