تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٢٣
الصريح بما هم فيه من التقصير متعللين بما يوجبه على زعمهم «كنا مستضعفين في الأرض» أي في أرض مكة عاجزين عن القيام بمواجب الدين فيما بين أهلها «قالوا» إبطالا لتعللهم وتبكيتا لهم «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها» إلى قطر آخر منها تقدرون فيه على إقامة أمور الدين كما فعله من هاجر إلى المدينة وإلى الحبشة وأما حمل تعللهم على إظهار العجز عن الهجرة وجعل جواب الملائكة تكذيبا لهم في ذلك فيردوه أن سبب العجز عنها لا ينحصر في فقدان دار الهجرة بل قد يكون لعدم الاستطاعة للخروج بسب الفقر أو لعدم تمكين الكفرة منه فلا يكون بيان سعة الأرض تكذيبا لهم وردا عليهم بل لا بد من بيان استطاعتهم أيضا حتى يتم التبكيت وقيل كانت الطائفة المذكورة قد خرجوا مع المشركين إلى بدر منهم قيس بن الفاكه بن المغيرة وقيس بن الوليد بن المغيرة وأشباههما فقتلوا فيها فضربت الملائكة وجوهم وأدبارهم وقالوا لهم ما قالوا فيكون ذلك منهم تقريعا وتوبيخا لهم بما كانوا فيه من مساعدة الكفرة وانتظامهم في عسكرهم ويكون جوابهم بالاستضعاف تعللا بأنهم كانوا مقهورين تحت أيديهم وأنهم أخرجوا كارهين فرد عليهم بأنهم كانوا بسبيل من الخلاص عن قهرهم متمكنين من المهاجرة «فأولئك» الذين حكيت أحوالهم الفظيعة «مأواهم» أي في الآخرة «جهنم» كما أن مأواهم في الدنيا دار الكفر لتركهم الفريضة المحتومة فمأواهم مبتدأ وجهنم خبره والجملة خبر لأولئك وهذه الجملة خبر إن والفاء فيه لتضمن اسمها معنى الشرط وقوله تعالى قالوا فيم كنتم حال من الملائكة بإضمار قد عند من يشترطه أو هو الخبر والعائد منه محذوف أي قالوا لهم والجملة المصدرة بالفاء معطوفة عليه مستنتجة منه ومما في حيزه «وساءت مصيرا» أي مصيرهم أي جهنم وفي الآية الكريمة إرشاد إلى وجوب المهاجرة من موضع لا يتمكن الرجل من إقامة أمور دينه بأي سبب كان وعن النبي صلى الله عليه وسلم من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة وكان رفيق إبراهيم ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم «إلا المستضعفين» استثناء منقطع لعدم دخولهم في الموصول وضميره والإشارة إليه ومن في قوله تعالى «من الرجال والنساء والولدان» متعلقة بمحذوف وقع حالا من المستضعفين أي كائنين منهم وذكر الولدان أن أريد بهم المماليك أو المراهقون ظاهر وأما إن أريد بهم الأطفال فللمبالغة في أمر الهجرة وإبهام انها بحيث لو استطاعها غير المكلفين لوجبت عليهم والإشعار بأنهم لا محيص لهم عنها البتة عليهم كما بلغوا حتى كأنها واجبة عليهم قبل البلوغ لو استطاعوا وأن قومهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت وقوله تعالى «لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا» صفة للمستضعفين فإن ما فيه من اللام ليس للتعريف أو حال منه أو من الضمير المستكن فيه وقيل تفسير لنفس المستضعفين لكثرة وجوه الاستضعاف واستطاعة الحيلة وجدان أسباب الهجرة ومباديها واهتداء السبيل معرفة طريق الموضع المهاجر إليه بنفسه أو بدليل «فأولئك»
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254