تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢١٦
بأن أسلم فيما بينهم ولم يفارقهم أو بأن أتاهم بعد ما فارقهم لمهم من المهمات «فتحرير رقبة مؤمنة» أي فعلى قاتله الكفارة دون الدية إذ لا وراثة بينه وبين أهله لأنهم محاربون «وإن كان» أي المقتول المؤمن «من قوم» كفرة «بينكم وبينهم ميثاق» أي عهد مؤقت أو مؤبد «فدية» أي فعلى قاتله دية «مسلمة إلى أهله» من أهل الإسلام إن وجدوا ولعل تقديم هذا الحكم ههنا مع تأخيره فيما سلف للإشعار بالمسارعة إلى تسليم الدية تحاشيا عن توهم نقض الميثاق «وتحرير رقبة مؤمنة» كما هو حكم سائر المسلمين ولعل إفراده بالذكر مع اندراجه في حكم ما سبق من قوله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ الخ لبيان أن كونه فيما بين المعاهدين لا يمنع وجوب الدية كما منعه كونه فيما بين المحاربين وقيل المراد بالمقتول الذمي أو المعاهد لئلا يلزم التكرار بلا فائدة ولا التوريث بين المسلم والكافر وقد عرفت عدم لزومها «فمن لم يجد» أي رقبة ليحررها بأن لم يملكها ولا ما يتوصل به إليها من الثمن «فصيام» أي فعليه صيام «شهرين متتابعين» لم يتخلل بين يومين من أيامهما إفطار «توبة» نصب على أنه مفعول له أي شرع لكم ذلك توبة أي قبولا لها من تاب الله عليه إذا قبل توبته أو مصدر مؤكد لفعل محذوف أي تاب عليكم توبة وقيل على أنه حال من الضمير المجرور في عليه بحذف المضاف أي فعليه صيام شهرين ذا توبة وقوله تعالى «من الله» متعلق بمحذوف وقع صفة لتوبة أي كائنة منه تعالى «وكان الله عليما» بجميع الأشياء التي من جملتها حاله «حكيما» في كل ما شرع وقضى من الشرائع والأحكام التي من جملتها ما شرعه في شأنه «ومن يقتل مؤمنا متعمدا» لما بين حكم القتل خطأ وفصل أقسامه الثلاثة عقب ذلك ببيان القتل عمدا خلا أن حكمه الدنيوي لما بين في سورة البقرة اقتصر ههنا على حكمه الأخروي روى أن مقيس بن ضبابة الكناني وكان قد أسلم هو وأخوه هشام وجد أخاه قتيلا في بني النجار فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له القصة فأرسل عليه السلام معه زبير بن عياض الفهري وكان من أصحاب بدر إلى بني النجار يأمرهم بتسليم القاتل إلى مقيس ليقتص منه إن علموه وبأداء الدية إن لم يعلموه فقالوا سمعا وطاعة لله تعالى ولرسوله عليه السلام ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدي ديته فأتوه بمائة من الإبل فانصرفا راجعين إلى المدينة حتى إذا كانا ببعض الطريق أتي الشيطان مقيسا فوسوس إليه فقال أتقبل دية أخيك فيكون مسبه عليك أقتل الذي معك فيكون نفسا بنفس وفضل الدية فتغفل الفهري فرماه بصخرة فشدخه ثم ركب بعيرا من الإبل وأستاق بقيتها راجعا إلى مكة كافرا وهو يقول * قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أصحاب قارع * وأدركت ثأري وأضطجعت موسدا * وكنت إلى الأوثان أول راجع * فنزلت وهو الذي استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ممن آمنه فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة وقوله تعالى معتمدا حال من فاعل يقتل وروى عن الكسائي سكون التاء كأنه فر من توالي الحركات «فجزاؤه» الذي يستحقه بجنايته
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254