بأن أسلم فيما بينهم ولم يفارقهم أو بأن أتاهم بعد ما فارقهم لمهم من المهمات «فتحرير رقبة مؤمنة» أي فعلى قاتله الكفارة دون الدية إذ لا وراثة بينه وبين أهله لأنهم محاربون «وإن كان» أي المقتول المؤمن «من قوم» كفرة «بينكم وبينهم ميثاق» أي عهد مؤقت أو مؤبد «فدية» أي فعلى قاتله دية «مسلمة إلى أهله» من أهل الإسلام إن وجدوا ولعل تقديم هذا الحكم ههنا مع تأخيره فيما سلف للإشعار بالمسارعة إلى تسليم الدية تحاشيا عن توهم نقض الميثاق «وتحرير رقبة مؤمنة» كما هو حكم سائر المسلمين ولعل إفراده بالذكر مع اندراجه في حكم ما سبق من قوله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ الخ لبيان أن كونه فيما بين المعاهدين لا يمنع وجوب الدية كما منعه كونه فيما بين المحاربين وقيل المراد بالمقتول الذمي أو المعاهد لئلا يلزم التكرار بلا فائدة ولا التوريث بين المسلم والكافر وقد عرفت عدم لزومها «فمن لم يجد» أي رقبة ليحررها بأن لم يملكها ولا ما يتوصل به إليها من الثمن «فصيام» أي فعليه صيام «شهرين متتابعين» لم يتخلل بين يومين من أيامهما إفطار «توبة» نصب على أنه مفعول له أي شرع لكم ذلك توبة أي قبولا لها من تاب الله عليه إذا قبل توبته أو مصدر مؤكد لفعل محذوف أي تاب عليكم توبة وقيل على أنه حال من الضمير المجرور في عليه بحذف المضاف أي فعليه صيام شهرين ذا توبة وقوله تعالى «من الله» متعلق بمحذوف وقع صفة لتوبة أي كائنة منه تعالى «وكان الله عليما» بجميع الأشياء التي من جملتها حاله «حكيما» في كل ما شرع وقضى من الشرائع والأحكام التي من جملتها ما شرعه في شأنه «ومن يقتل مؤمنا متعمدا» لما بين حكم القتل خطأ وفصل أقسامه الثلاثة عقب ذلك ببيان القتل عمدا خلا أن حكمه الدنيوي لما بين في سورة البقرة اقتصر ههنا على حكمه الأخروي روى أن مقيس بن ضبابة الكناني وكان قد أسلم هو وأخوه هشام وجد أخاه قتيلا في بني النجار فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له القصة فأرسل عليه السلام معه زبير بن عياض الفهري وكان من أصحاب بدر إلى بني النجار يأمرهم بتسليم القاتل إلى مقيس ليقتص منه إن علموه وبأداء الدية إن لم يعلموه فقالوا سمعا وطاعة لله تعالى ولرسوله عليه السلام ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدي ديته فأتوه بمائة من الإبل فانصرفا راجعين إلى المدينة حتى إذا كانا ببعض الطريق أتي الشيطان مقيسا فوسوس إليه فقال أتقبل دية أخيك فيكون مسبه عليك أقتل الذي معك فيكون نفسا بنفس وفضل الدية فتغفل الفهري فرماه بصخرة فشدخه ثم ركب بعيرا من الإبل وأستاق بقيتها راجعا إلى مكة كافرا وهو يقول * قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أصحاب قارع * وأدركت ثأري وأضطجعت موسدا * وكنت إلى الأوثان أول راجع * فنزلت وهو الذي استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ممن آمنه فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة وقوله تعالى معتمدا حال من فاعل يقتل وروى عن الكسائي سكون التاء كأنه فر من توالي الحركات «فجزاؤه» الذي يستحقه بجنايته
(٢١٦)