خروجه من مكة قد وادع هلال بن عويمر الأسلمي على أنه لا يعينه ولا يعين عليه وعلى أن من وصل إلى هلال ولجأ إليه فله من الجوار مثل الذي لهلال وقيل هم بنو بكر بن زيد مناة وقيل هم خزاعة «أو جاؤوكم» عطف على الصلة أي أو الذين جاءوكم كافين عن قتالكم وقتال قومهم استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم فريقان أحدهما من ترك المحاربين ولحق بالمعاهدين والآخر من اتى المؤمنين وكف عن قتال الفريقين أو على صفة قوم كأنه قيل إلا الذين يصلون إلى قوم معاهدين أو إلى قوم كافين عن القتال لكم والقتال عليكم والأول هو الأظهر لما سيأتي من قوله تعالى «فإن اعتزلوكم» الخ فإنه صريح في أن كفهم عن القتال أحد سببي استحقاقهم لنفى التعرض لهم وقرئ جاءوكم بغير عاطف على أنه صفة بعد صفة أو بيان ليصلون أو استئناف «حصرت صدورهم» حال بإضمار قد بدليل أنه قرئ حصرة صدورهم وحصرات صدورهم وحاصرات صدورهم وقيل صفة لموصوف محذوف هو حال من فاعل جاءوا أي أو جاءوكم قوما حصرت صدورهم وقيل هو بيان لجاءوكم وهم بنو مدلج جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مقاتلين والحصر الضيق والانقباض «أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم» أي من أن يقاتلوكم أو لأن يقاتلوكم أو كراهة ان يقاتلوكم الخ ولو شاء الله لسلطهم عليكم جملة مبتدأة جارية مجرى التعليل لاستثناء الطائفة الأخيرة من حكم الأخذ والقتل ونظمهم في سلك الطائفة الأولى الجارية مجرى المعاهدين مع عدم تعلقهم بنا ولا بمن عاهدونا كالطائفة الأولى أي ولو شاء الله لسلطهم عليكم ببسط صدورهم وتقوية قلوبهم وإزالة الرعب عنها «فلقاتلوكم» عقيب ذلك ولم يكفوا عنكم واللام جواب لو على التكرير أو الإبدال من الأولى وقرئ فلقتلوكم بالخفيف والتشديد «فإن اعتزلوكم» ولم يتعرضوا لكم «فلم يقاتلوكم» مع ما علمتم من تمكنهم من ذلك بمشيئة الله عز وجل «وألقوا إليكم السلم» أي الانقياد والاستسلام وقرئ بسكون اللام «فما جعل الله لكم عليهم سبيلا» طريقا بالأسر أو بالقتل فإن مكافتهم عن قتالكم وأن يقاتلوا قومهم أيضا وإلقاءهم إليكم السلم وإن لم يعاهدوكم كافية في استحقاقهم لعدم تعرضكم لهم «ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم» هم قوم من أسد وغطفان كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا المسلمين فإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ونكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم وقيل هم بنو عبد الدار وكان ديدنهم ما ذكر «كل ما ردوا إلى الفتنة» أي دعوا إلى الكفر وقتال المسلمين «أركسوا فيها» قلبوا فيها أقبح قلب وأشنعه وكانوا فيها شرا من كل عدو شرير «فإن لم يعتزلوكم» بالكف عن التعرض لكم بوجه ما «ويلقوا إليكم السلم» أي لم يلقوا إليكم الصلح والعهد بل نبذوه إليكم «ويكفوا أيديهم» أي لم يكفوها عن قتالكم «فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم» أي تمكنتم منهم «وأولئكم» الموصوفون بما عدد من
(٢١٤)