تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٤
الخطاب فظاهرها وإن اقتضى توجيه الخطاب الثاني إلى المشركين لكنه ليس بنص في ذلك لأنه وإن اندفع به المحذور الأخير فالأول باق بحاله فلعل رؤية المشركين نزلت منزلة رؤية اليهود لما بينهم من الاتحاد في الكفر والاتفاق في الكلمة لا سيما بعد ما وقع بينهم بواسطة كعب بن الأشرف من العهد والميثاق فأسندت الرؤية إليهم مبالغة في البيان وتحقيقا لعروض مثل تلك الحالة لهم فتدبر وقيل المراد جميع الكفرة ولا ريب في صحته وسداده وقرئ يرونهم وترونهم على البناء للمفعول من الإرادة أي يريهم أو يريكم الله تعالى كذلك «رأي العين» مصدر مؤكد ليرونهم إن كانت الرؤية بصرية أو مصدر تشبيهى إن كانت قلبية أي رؤية ظاهرة مكشوفة جارية مجرى رؤية العين «والله يؤيد» أي يقوى «بنصره من يشاء» أن يؤيده من غير توسيط الأسباب العادية كما أيد الفئة المقاتلة في سبيله بما ذكر من النصر وهو من تمام القول المأمور به «إن في ذلك» إشارة إلى ما ذكر من رؤية القليل كثيرا المستتبعة لغلبة القليل العديم العدة على الكثير الشاكي السلاح وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه في الفضل «لعبرة» العبرة فعلة من العبور كالركبة من الركوب والجلسة من الجلوس والمراد بها الاتعاظ فإنه نوع من العبور أي لعبرة عظيمة كائنة «لأولي الأبصار» لذوي العقول والبصائر وقيل لمن أبصرهم وهو إما من تمام الكلام الداخل تحت القول مقرر لما قبله بطريق التذييل وإما وارد من جهته تعالى تصديقا لمقالته عليه الصلاة والسلام «زين للناس» كلام مستأنف سيق لبيان حقارة شأن الحظوظ الدنيوية بأصنافها وتزهيد للناس فيها وتوجيه رغباتهم إلى ما عنده تعالى إثر بيان عدم نفعها للكفرة الذين كانوا يتعززون بها والمراد بالناس الجنس «حب الشهوات» الشهوة نزوع النفس إلى ما تريده والمراد ههنا المشتهيات عبر عنها بالشهوات مبالغة في كونها مشتهاة مرغوبا فيها كأنها نفس الشهوات أو إيذانا بأنهما كهم في حبها بحيث أحبوا شهواتها كما في قوله تعالى «إني أحببت حب الخير» أو استرذالا لها فإن الشهوة مسترذلة مذمومة من صفات البهائم والمزين هو الباري سبحانه وتعالى إذ هو الخالق لجميع الأفعال والدواعي والحكمة في ذلك ابتلاؤهم قال تعالى إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم الآية فإنها ذريعة لنيل سعادة الدارين عند كون تعاطيها على نهج الشريعة الشريفة وسيلة إلى بقاء النوع وإيثار صيغة المبنى للمفعول للجرى على سنن الكبرياء وقرئ على البناء للفاعل وقيل المزين هو الشيطان لما أن مساق الآية الكريمة على ذمها وفرق الجبائي بين المباحات فأسند تزيينها إليه تعالى وبين المحرمات فنسب تزيينها إلى الشيطان «من النساء والبنين» في محل النصب على أنه حال من الشهوات وهي مفسرة لها في المعنى وقيل من لبيان الجنس وتقديم النساء على البنين لعراقتهن في معنى الشهوة فإنهن حبائل الشيطان وعدم التعرض للبنات لعدم الاطراد في حبهن «والقناطير المقنطرة» جمع قنطار وهو المال الكثير وقيل مائة الف دينار وقيل ملء مسك ثور وقيل
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254