تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
مفعول له لكن باعتبار ذاتهما بل باعتبار بيانهما وإظهارهما أي بين لكم تحريم المحرمات المعدودة وإحلال ما سواهن إرادة أن تبتغوا بأموالكم والمفعول محذوف أي تبتغوا النساء أو متروك أي تفعلوا الابتغاء «بأموالكم» بصرفها إلى مهورهن أو بدا اشتمال مما وراء ذلكم بتقدير ضمير المفعول «محصنين» حال من فاعل تبتغوا والاحصان العفة وتحصين النفس عن الوقوع فيما يوجب اللوم والعقاب «غير مسافحين» حال ثانية منه أو حال من الضمير في محصنين والسفاح الزنا والفجور من السفح الذي هو صب المني سمى به لأنه الغرض منه ومفعول الفعلين محذوف أي محصنين فروجكم غير مسافحين الزواني وهي في الحقيقة حال مؤكدة لأن المحصن غير مسافح البتة وما في قوله تعالى «فما استمتعتم به منهن» اما عبارة عن النساء أو عما يتعلق بهن من الأفعال وعلى التقديرين فهي اما شرطية ما بعدها شرطها واما موصولة ما بعدها صلتها وأيا ما كان فهي مبتدأ خبرها على تقدير كونها شرطية اما فعل الشرط أو جوابه أو كلاهما على الخلاف المعروف وعلى تقدير كونها موصولة قوله تعالى «فآتوهن أجورهن» والفاء لتضمن الموصول معنى الشرط ثم على تقدير كونها عبارة عن النساء فالعائد إلى المبتدأ هو الضمير المنصوب في فآتوهن سواء كانت شرطية أو موصولة ومن بيانية أو تبعيضية محلها النصب على الحالية من الضمير المجرور في به والمعنى فأي فرد استمتعتم به أو فالفرد الذي استمتعتم به حال كونه من جنس النساء أو بعضهن فآتوهن أجورهن وقد روعي تارة جانب اللفظ فأفرد الضمير أولا وأخرى جانب المعنى فجمع ثانيا وثالثا واما على تقدير كونها عبارة عما يتعلق بهن فمن ابتدائية متعلقة بالاستمتاع والعائد إلى المبتدأ محذوف والمعنى أي فعل استمتعتم به من جهتهن من نكاح أو خلوة أو نحوهما أو فالفعل الذي استمتعتم به من قبلهن من الأفعال المذكورة فآتوهن أجورهن لأجله أو بمقابلته والمراد بالأجور المهور فإنها أجور ابضاعهن «فريضة» حال من الأجور بمعنى مفروضة أو نعت لمصدر محذوف أي إيتاء مفروضا أو مصدر مؤكد أي فرض ذلك فريضة أي لهن عليكم «ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به» أي لا اثم عليكم فيما تراضيتم به من الحط عن المهر أو الابراء منه على طريقة قوله تعالى «فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه» اثر قوله تعالى «وآتوا النساء صدقاتهن» وقوله تعالى «إلا أن يعفون» وتعميمه للزيادة على المسمى لا يساعده رفع الجناح عن الرجال لأنها ليست مظنة الجناح الا ان يجعل الخطاب للأزواج تغليبا فإن أخذ الزيادة على المسمى مظنة الجناح على الزوجة وقيل فيما تراضيتم به من نفقة ونحوها وقيل من مقام أو فراق ولا يساعده قوله تعالى «من بعد الفريضة» إذ لا تعلق لهما بالفريضة الا أن يكون الفراق بطريق المخالعة وقيل نزلت في المتعة التي هي النكاح إلى وقت معلوم من يوم أو أكثر سميت بذلك لأن الغرض منها مجرد الاستمتاع بالمرأة واستمتاعها بما يعطى وقد أبيحت ثلاثة أيام حين فتحت مكة شرفها الله تعالى ثم نسخت لما روى أنه عليه السلام أباحها ثم أصبح يقول يا أيها الناس اني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء الا أن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة وقيل أبيح مرتين وحرم مرتين وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رجع عن القول بجوازه عند موته وقال اللهم اني أتوب إليك من قولي بالمتعة وقولي في الصرف «إن الله كان عليما» في مصالح العباد «حكيما» فيما شرع لهم من الأحكام ولذلك شرع لكم هذه الأحكام اللائقة بحالكم
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254