تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
ما شرع لكم من الأحكام «حكيم» مراع في جميع أفعالة الحكمة والمصلحة «والله يريد أن يتوب عليكم» جملة مبتدأة مسوقة لبيان كمال منفعة ما أراده الله تعالى وكمال مضرة ما يريد الفجرة لا لبيان إراداته تعالى لتوبته عليهم حتى يكون من باب التكرير للتقرير ولذلك غير الأسلوب إلى الجملة الاسمية دلالة على دوام الإرادة ولم يفعل ذلك في قوله تعالى «ويريد الذين يتبعون الشهوات» للإشارة إلى الحدوث وللإيماء إلى كمال المباينة مضمونى الجملتين كما مر في قوله تعالى «الله ولي الذين آمنوا» الآية والمراد بمتبعى الشهوات الفجرة فإن اتباعها الائتمار بها وأما المتعاطى لما سوغه الشرع من المشهيات دون غيره فهو متبع له لا لها وقيل هم اليهود والنصارى وقيل هم المجوس حيث كانوا يحلون الأخوات من الأب وبنات الخ وبنات الأخت فلما حرمهن الله تعالى قالوا فإنكم تحلون بنت الخالة وبنت العمة مع أن العمة والخالة عليكم حرام فانكحوا بنات الأخ والأخت فنزلت «أن تميلوا» عن الحق بموافقتهم على اتباع الشهوات واستحلال المحرمات وتكونوا زناة مثلهم وقرئ بالياء التحتانية والضمير للذين يتبعون الشهوات «ميلا عظيما» أي بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة على ندرة بلا استحلال «يريد الله أن يخفف عنكم» بما مر من الرخص ما في عهدتكم من مشاق التكاليف والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب «وخلق الإنسان ضعيفا» عاجزا عن مخالفة هواه غير قادر على مقابلة دواعيه وقواه حيث لا يصبر عن اتباع الشهوات ولا يستخدم قواه في مشاق الطاعات وعن الحسن أن المراد ضعف الخلقة ولا يساعده المقام فإن الجلمة اعتراض تذييلى مسوق لتقرير ما قبله من التخفيف بالرخصة في نكاح الإماء وليس لضعف البنية مدخل في ذلك وإنما الذي يتعلق به التخفيف في العبادات الشاقة وقيل المراد به ضعفه في أمر النساء خاصة حيث لا يصبر عنهن وعن سعيد بن المسيب ما أيس الشيطان من بنى آدم قط إلا أتاهم من قبل النساء فقد اتى على ثمانون سنة وذهبت إحدى عيني وانا أعشوا بالأخرى وإن أخوف ما أخاف على فتنة النساء وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما وخلق الإنسان على البناء للفاعل والضمير له عز وجل وعنه رضى الله عنه ثماني آيات في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت «يريد الله ليبين لكم» «والله يريد أن يتوب عليكم» «يريد الله أن يخفف عنكم» «إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه» «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء» «إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها» «ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه» «ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم» «للناس لعلهم يتقون ولا تأكلوا أموالكم
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254