الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٣٢
عهد آدم ياقوتة حمراء يلتهب نورا من ياقوت الجنة لها بابان شرقي وغربي من ذهب من تبر الجنة كان فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة فيها نور يلتهب بابها منظوم بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومها ياقوتة بيضاء فلم يزل على ذلك حتى كان في زمان نوح وكان الغرق فرفع من الغرق فوضع تحت العرش ومكثت الأرض خرابا ألفى سنة فلم يزل على ذلك حتى كان إبراهيم فأمره ان يبنى بيتي فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس تتكلم لها وجه كوجه الانسان فقالت يا إبراهيم خذ قدر ظلي فابن عليه لا تزد شيئا ولا تنقص فاخذ إبراهيم قدر ظلها ثم بنى هو وإسماعيل البيت ولم يجعل له سقفا فكان الناس يلقون فيه الحلي والمتاع حتى إذا كاد أن يمتلئ أنفذ له خمس نفر ليسرقوا ما فيه فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك وبعث الله عند ذلك حية بيضاء سوداء الرأس والذنب فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه أحد الا أهلكته فلم يزل كذلك حتى بنته قريش * وأخرج الأزرقي والبيهقي عن عطاء ان عمر بن الخطاب سأل كعبا فقال أخبرني عن هذا البيت ما كان أمره فقال إن هذا البيت أنزل الله من السماء ياقوتة حمراء مجوفة مع آدم فقال يا آدم ان هذا بيتي فطف حوله وصل حوله كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي وتصلى ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضع البيت على القواعد فلما أغرق الله قوم نوح رفعه الله إلى السماء وبقيت قواعده * وأخرج البيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح عن كعب الأحبار قال شكت الكعبة إلى ربها وبكت إليه فقالت أي رب قل زواري وجفاني الناس فقال الله لها انى محدث لك إنجيلا وجاعل لك زوارا يحنون إليك حنين الحمامة إلى بيضاتها * وأخرج الأزرقي والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن سابط عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال ما بين المقام إلى الركن إلى بئر زمزم إلى الحجر قبر سبعة وسبعين نبيا جاؤوا حاجين فماتوا فقبروا هنالك * وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال أقبل تبع يريد الكعبة حتى إذا كان بكراع الغميم بعث الله عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم الا عصفته وذهب القائم ليقعد فيصرع وقامت عليهم ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما ما هذا الذي بعث على قالا أو تؤمننا قال أنتم آمنون قالا فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده قال فما يذهب هذا عنى قالا تجرد في ثوبين ثم تقول لبيك لبيك ثم تدخل فتطوف بذلك البيت ولا تبيح أحدا من أهله قال فان أجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عنى قالا نعم فتجرد ثم لبى قال ابن عباس فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم * وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة فقال مر حبابك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك * وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نظر إلى الكعبة فقال لقد شرفك الله وكرمك وعظمك والمؤمن أعظم حرمة منك * وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال لما افتتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة استقبلها بوجهه وقال أنت حرام ما أعظم حرمتك وأطيب ريحك وأعظم حرمة عند الله منك المؤمن * وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مكحول ان النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى البيت حين دخل مكة رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا * وأخرج الشافعي في الام عن ابن جريج ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا * وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للكعبة لسانا وشفتين وقد اشتكت فقالت يا رب قل عوادي وقل زواري فأوحى الله انى خالق بشرا سجدا يحنون إليك كما تحن الحمامة إلى بيضها * وأخرج الأزرقي عن جابر الجزري قال جلس كعب الأحبار أو سلمان الفارس بفناء البيت فقال شكت الكعبة إلى ربها ما نصب حولها من الأصنام وما استقسم به من الأزلام فأوحى الله إليها انى منزل نورا وخالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضه ويدفون إليك دفيف النسور فقال له قائل وهل لها لسان قال نعم وأذنان وشفتان * وأخرج الأزرقي عن ابن عباس ان جبريل وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة خضراء قد علاها الغبار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الغبار الذي أرى على عصابتك قال انى زرت البيت
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست