الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٣٣
فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها * وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال حج آدم عليه السلام فقضى المناسك فلما حج قال يا رب ان لكل عامل أجرا قال الله تعالى اما أنت يا آدم فقد غفرت لك وأما ذريتك فمن جاء منهم هذا البيت فباء بذنبه غفرت له فحج آدم عليه السلام فاستقبلته الملائكة بالردم فقالت بر حجك يا آدم قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام قال فما كنتم تقولون حوله قالوا كنا نقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال فكان آدم إذا طاف يقول هؤلاء الكلمات فكان طواف آدم سبع أسابيع بالليل وخمسة أسابيع بالنهار * وأخرج الأزرقي والجندي وابن عساكر عن ابن عباس قال حج آدم فطاف بالبيت سبعا فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا بر حجك يا آدم اما انا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام قال فماذا كنتم تقولون في الطواف قالوا كنا نقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال آدم فزيدوا فيها ولا حول ولا قوة الا بالله فزادت الملائكة فيها ذلك ثم حج إبراهيم بعد بنائه البيت فلقيته الملائكة في الطواف فسلموا عليه فقال لهم ماذا كنتم تقولون في طوافكم قالوا كنا نقول قبل أبيك آدم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فأعلمناه ذلك فقال زيدوا ولا حول ولا قوة الا بالله فقال إبراهيم زيدوا فيها العلى العظيم فقالت الملائكة ذلك * وأخرج الجندي والديلمي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة وكان له بابان من زمرد أخضر باب شرقي وباب غربي وفيه قناديل من الجنة والبيت المعمور الذي في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة حذاء الكعبة الحرام وان الله عز وجل لما اهبط آدم إلى موضع الكعبة وهو مثل الفلك من شدة رعدته وأنزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ كأنه لؤلؤة بيضاء فاخذه آدم فضمه إليه استئناسا ثم أخذ الله من بني آدم ميثاقهم فجعله في الحجر الأسود ثم أنزل على آدم العصا ثم قال يا آدم تخط فتخطى فإذا هو بأرض الهند فمكث هناك ما شاء الله ثم استوحش إلى البيت فقيل له احجج يا آدم فاقبل يتخطى فصار كل موضع قدم قرية وما بين ذلك مفازة حتى قدم مكة فلقيته الملائكة فقالوا بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام قال فما كنتم تقولون حوله قالوا كنا نقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وكان آدم إذا طاف بالبيت قال هؤلاء الكلمات وكان آدم يطوف سبعة أسابيع بالنهار قال آدم يا رب اجعل لهذا البيت عمارا يعمرونه من ذريتي فأوحى الله تعالى انى معمره نبيا من ذريتك اسمه إبراهيم اتخذه خليلا أقضي على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان آدم سأل ربه فقال يا رب أسألك من حج هذا البيت من ذريتي لا يشرك بك شيئا ان تلحقه بي في الجنة فقال الله تعالى يا آدم من مات في الحرم لا يشرك بي شيئا بعثته آمنا يوم القيامة * وأخرج الجندي عن مجاهد ان آدم طاف بالبيت فلقيته الملائكة فصافحته وسلمت عليه وقالت بر حجك يا آدم طف بهذا البيت فانا قد طفناه قبلك بألفي عام قال لهم آدم فما كنتم تقولون في طوافكم قالوا كنا نقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال آدم وانا أزيد فيها ولا حول ولا قوة الا بالله * وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال كان موضع الكعبة قد خفى ودرس زمان الغرق فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام وكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول غير أن الناس يعلمون ان موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه وكان يأتيه المظلوم والمفقود من أقطار الأرض ويدعو عنده المكروب فقل من دعا هنالك الا استجيب له فكان الناس يحجون إلى موضع البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم عليه السلام لما أراد من عمارة بيته واظهار دينه وشعائره فلم يزل منذ اهبط الله آدم إلى الأرض معظما محرما بيته تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة وملة بعد ملة قال وقد كانت الملائكة تحجه قبل ذلك * وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال بلغنا والله أعلم ان إبراهيم خليل الله عرج به إلى السماء فنظر إلى الأرض مشارقها ومغاربها فاختار موضع الكعبة فقالت له الملائكة يا خليل الله اخترت حرم الله في الأرض فبناه من حجارة سبعة أجبل ويقولون خمسة فكانت الملائكة تأتى بالحجارة إلى إبراهيم عليه السلام من تلك الجبال * وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال اقبل إبراهيم عليه السلام والسكينة والصرد والملك من الشام فقالت السكينة يا إبراهيم ربض على البيت
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست