الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
الأساس الأول الذي وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلم يزل يحفر حتى وصل إلى القواعد التي وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلما وصل إليها ظلل الله له مكان البيت بغمامة فكانت حفاف البيت الأول فلم تزل راكدة على حفافه تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد حتى رفع القواعد قامة ثم انكشفت الغمامة فذلك قوله عز وجل وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت للغمامة التي ركدت على الحفاف لتهديه مكان القواعد فلم يزل يحمد الله مذ رفعه الله معمورا قال وهب بن منبه وقرأت في كتاب من كتب الأول ذكر فيه أمر الكعبة فوجد فيه ان ليس من ملك بعثه الله إلى الأرض الا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش محرما ملبيا حتى يستلم الحجر ثم يطوف سبعا بالبيت ويصلى في جوفه ركعتين ثم يصعد * وأخرج الجندي في فضائل مكة عن وهب بن منبه قال ما بعث الله ملكا قط ولا سحابة فيمر حيث بعث حتى يطوف بالبيت ثم يمضى حيث أمر * وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عمر وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما ابنيا بيتا فخط لهما جبريل فجعل يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء نودي من تحته حسبك يا آدم فلما بنياه أوحى الله إليه أن يطوف به وقيل له أنت أول الناس وهذا أول بيت ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه * وأخرج ابن إسحاق والأزرقي والبيهقي في الدلائل عن عروة قال ما من نبي الا وقد حج البيت الا ما كان من هود وصالح ولقد حجه نوح فلما كان في الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض وكان البيت ربوة حمراء فبعث الله عز وجل هودا فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه فلم يحجه حتى مات فلما بوأه الله لإبراهيم عليه السلام حجه ثم لم يبق نبي بعده الا حجه * وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد قال حج البيت سبعون نبيا منهم موسى بن عمران عليه عباءتان قطوانيتان ومنهم يونس يقول لبيك كاشف الكرب * وأخرج الأزرقي وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن ابن عباس قال لما أهبط الله آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته فطأطأ الله منه إلى ستين ذراعا فقال يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا حسهم قال خطيئتك يا آدم ولكن اذهب فابن لي بيتا فطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي فاقبل آدم يتخطى فطويت له الأرض وقبض الله له المفازة فصارت كل مفازة يمر بها خطوة وقبض الله ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة ولم يقع قدمه في شئ من الأرض الا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة فبنى البيت الحرام وان جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت على الأرض السابعة فقذفت فيه الملائكة الصخر ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا وانه بناء من خمسه أجبل من لينان وطور زيتا وطور سينا والجودي وحراء حتى استوى على وجه الأرض فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم عليه السلام حتى بعث الله الطوفان فكان غضبا ورجسا فحيثما انتهى الطوفان فذهب ريح آدم عليه السلام ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند فدرس موضعه الطوفان حتى بعث الله إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فرفعا قواعده واعلامه ثم بنته قريش بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور لو سقط ما سقط الا عليه * وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال لما اهبط الله آدم إلى الأرض أهبطه إلى موضع البيت الحرام وهو مثل الفلك من رعدته ثم أنزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ من شدة بياضه فاخذه آدم فضمه إليه آنسا به ثم نزل عليه القضاء فقيل له تخط يا آدم فتخطى فإذا هو بأرض الهند أو السند فمكث بذلك ما شاء الله ثم استوحش إلى الركن فقيل له أحجج فحج فلقيته الملائكة فقالوا بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام * وأخرج الأزرقي عن أبان ان البيت اهبط ياقوتة واحدة أو ذرة واحدة * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كان البيت من ياقوتة حمراء ويقولون من زمردة خضراء * وأخرج الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح قال لما بنى الزبير الكعبة أمر العمال أن يبلغوا في الأرض فبلغوا صخرا أمثال الإبل الخلف قال زيد فاحفروا فلما زادوا بلغوا هواء من نار يلقاهم فقال ما لكم قالوا لسنا نستطيع أن نزيد رأينا أمرا عظيما فقال لهم ابنوا عليه قال عطاء يرون ان ذلك الصخر مما بني آدم عليه السلام * وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن أبي زياد قال لما أهبط الله آدم من الجنة قال يا آدم ابن لي بيتا بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبد فيه أنت وولدك
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست