وقرأ حمزة (1): " أسرى تفدوهم "، و (أسارى): جمع أسير، مأخوذ من الأسر، وهو الشد، ثم كثر استعماله، حتى لزم، وإن لم يكن ثم ربط ولا شد، وأسير: فعيل:
بمعنى مفعول، و (تفادوهم): معناه في اللغة: تطلقونهم بعد أن تأخذوا عنهم شيئا، وقال الثعلبي: يقال: فدى، إذا أعطى مالا، وأخذ رجلا، وفادى، إذا أعطى رجلا، وأخذ رجلا فتفدوهم: معناه بالمال، وتفادوهم، أي: مفادات الأسير بالأسير. انتهى.
* ت *: وفي الحديث من قول العباس رضي الله عنه: " فإني فاديت نفسي وعقيلا "، وظاهره لا فرق بينهما.
وقوله تعالى: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض...) الآية: والذي آمنوا به فداء الأسارى، والذي كفروا به قتل بعضهم بعضا، وإخراجهم من ديارهم، وهذا توبيخ لهم وبيان لقبح فعلهم، والخزي: الفضيحة، والعقوبة، فقيل: خزيهم: ضرب الجزية عليهم غابر الدهر، وقيل: قتل قريظة، وإجلاء النضير، وقيل: الخزي الذي تتوعد به الأمة من الناس هو غلبة العدو.
و (الدنيا): مأخوذة من دنا يدنو، وأصل الياء فيها واو، ولكن أبدلت فرقا بين الأسماء والصفات، و (أشد العذاب): الخلود في جهنم.
وقوله تعالى: (و ما الله بغافل عما يعملون) قرأ نافع، وابن كثير (2) بياء على ذكر الغائب، فالخطاب بالآية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم والآية واعظة لهم بالمعنى، إذ الله تعالى بالمرصاد لكل كافر وعاص.
وقرأ الباقون بتاء، على الخطاب لمن تقدم ذكره في الآية قبل هذا، وهو قوله:
(أفتؤمنون ببعض الكتاب...) الآية، وهو الأظهر، ويحتمل أن يكون لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فقد روي، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: " إن بني إسرائيل قد مضوا، وأنتم الذين تعنون بهذا، يا أمة محمد، يريد هذا، وما يجرى مجراه (3) /.