من السيئات قاله جماعة المفسرين لا خلاف في ذلك والخواطر ونحوها ليس من كسب الانسان وجاءت العبارة في الحسنات بلها من حيث هي مما يفرح الانسان بكسبه ويسر المرء بها فتضاف إلى ملكه وجاءت في السيئة بعليها من حيث هي أوزار وأثقال ومتحملات صعبة وهذا كما تقول لي مال وعلي دين وكرر فعل الكسب فخالف بين التصريفين حسنا لنمط الكلام كما قال فمهل الكافرين أمهلهم رويدا هذا وجه ع والذي يظهر لي في هذا أن الحسنات مما يكسب دون تكلف إذ كاسبها على جادة أمر الله ورسم شرعه والسيئات تكتسب ببناء المبالغة إذ كاسبها يتكلف في أمرها خرق حجاب نهي الله تعالى ويتخطاه إليها فيحسن في الآية مجئ التصريفين لهذا المعنى وقال المهدوي وغيره معنى الآية لا يؤاخذ أحد بذنب أحد قال ع وهذا صحيح في نفسه لكن من غير هذه الآية وقوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا معناه قولوا واختلف الناس في معنى قوله سبحانه إن نسينا أو أخطأنا فذهب كثير من العلماء إلى أن هذا الدعاء في النسيان الغالب والخطأ غير المقصود وهو الصحيح عندي قال قتادة في تفسير الآية بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن الله تعالى تجاوز لأمتي عن نسيانها وخطأها وقال السدي لما نزلت هذه الآية فقالوها قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم قد فعل الله ذلك يا محمد قال ع فظاهر قوليهما ما صححته وذلك أن المؤمنين لما كشف عنهم ما خافوه في قوله تعالى يحاسبكم به الله أمروا بالدعاء في ذلك النوع الذي ليس من طاقة الانسان دفعه وذلك في النسيان والخطأ والإصر الثقيل وما لا يطاق على أتم أنواعه وهذه الآية على هذا القول تقضي بجواز تكليف ما لا يطاق ولذلك أمر المؤمنين بالدعاء في أن لا يقع هذا الجائز الصعب ومذهب أبي الحسن الأشعري وجماعة من
(٥٥٩)