اللب المراد، ولا خير في ذكر مع قلب غافل ساه، ولا مع تضييع شئ من رسوم الشرع، وقال في موضع آخر من هذا الكتاب الذي ألفه في " السلوك ": ولا مطمع للذاكر في درك حقائق الذكر إلا بأعمال الفكر فيما تحت ألفاظ الذكر من المعاني، وليدفع خطرات نفسه عن باطنه راجعا إلى مقتضى ذكره، حتى يغلب معنى الذكر على قلبه، وقد آن له أن يدخل في دائرة أهل المحاضرات. انتهى.
وقوله تعالى: (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا...) الآية: قال أبو وائل وغيره: كانت عادتهم في الجاهلية الدعاء في مصالح الدنيا فقط، إذ كانوا لا يعرفون الآخرة، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا، وجاء النهي في صيغة الخبر عنه، والخلاق: الحظ، والنصيب (1).
قال الحسن بن أبي الحسن: حسنة الدنيا: العلم والعبادة (2).
* ع (3) *: واللفظ أعم من هذا، وحسنة الآخرة الجنة، بإجماع، وعن أنس: قال:
كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار " رواه البخاري ومسلم وغيرهما (4)، زاد مسلم: " وكان أنس، إذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه ". انتهى.
(أولئك لهم نصيب مما كسبوا) وعد على كسب الأعمال الصالحة، والرب سبحانه سريع الحساب، لأنه لا يحتاج إلى عقد، ولا إعمال فكر، قيل لعلي - رضي الله عنه -:
كيف يحاسب الله الخلائق في يوم، فقال: كما يرزقهم في يوم، وقيل: الحساب هنا:
المجازات.
وقيل: معنى الآية: سريع مجيء يوم الحساب، فيكون المقصد بالآية الإنذار بيوم القيامة.
(* واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه و من تأخر فلا