و (ولاهم): معناه: صرفهم، و (يهدي من يشاء): إشارة إلى هداية الله تعالى هذه الأمة إلى قبلة إبراهيم، (وكذلك جعلناكم)، أي، كما هديناكم إلى قبلة إبراهيم وشريعته، (جعلناكم أمة وسطا)، أي: عدولا، روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتظاهرت به عبارات المفسرين، والوسط: الخيار والأعلى من الشئ، وواسطة القلادة أنفس حجر فيها، ومنه قوله تعالى: (قال أوسطهم) [القلم: 28].
و (شهداء): جمع شاهد، والمراد بالناس هنا في قول جماعة: جميع الجنس، وإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تشهد يوم القيامة للأنبياء على أممهم بالتبليغ، وروي في هذا المعنى حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه، أن أمته تشهد لكل نبي ناكره قومه.
* ت *: وهذا الحديث خرجه البخاري، وابن ماجة وابن المبارك في " رقائقه " وغيرهم، قائلا صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا...) الآية.
وكون الرسول شهيدا، قيل: معناه: بأعمالكم يوم القيامة، وقيل: " عليكم " بمعنى " لكم "، أي: يشهد لكم بالإيمان.
وقوله تعالى: (وما جعلنا القبلة...) الآية: قال قتادة وغيره: القبلة هنا بيت المقدس، أي: إلا فتنة لنعلم من يتبعك من العرب الذين لم يألفوا إلى إلا مسجد مكة أو من اليهود على ما قاله الضحاك الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: " إن صليت إلى بيت المقدس، اتبعناك "، فأمره الله بالصلاة إليه، امتحانا لهم، فلم يؤمنوا.
وقال ابن عباس: القبلة في الآية: الكعبة، و (كنت عليها) بمعنى: أنت عليها، كقوله تعالى: (كنتم خير أمة) [آل عمران: 110]، بمعنى: أنتم.
وما جعلناها وصرفناك إليها إلا فتنة، وروي في ذلك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حول إلى الكعبة، أكثر في ذلك اليهود والمنافقون، وارتاب بعض المؤمنين، حتى نزلت الآية، ومعنى: (لنعلم)، أي، ليعلم رسولي والمؤمنين به، والقاعدة نفي استقبال العلم بعد إن