إبراهيم، لما أتم هذه الكلمات أو أتمها الله عليه، كتب الله له البراءة من النار، فذلك قوله تعالى: (وإبراهيم الذي وفى) [النجم: 37]. وقول إبراهيم عليه السلام: (ومن ذريتي) هو على جهة الرغباء إلى الله، أي: ومن ذريتي، يا رب، فاجعل.
وقوله تعالى: (قال لا ينال عهدي الظالمين)، أي: قال الله، والعهد فيما قال مجاهد: الإمامة.
(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود (125) وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير (126)) وقوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت)، أي: الكعبة (مثابة)، يحتمل من ثاب إذا رجع، ويحتمل أن تكون من الثواب، أي: يثابون هناك، (وآمنا) للناس والطير والوحوش، إذ جعل الله لها حرمة في النفوس، بحيث يلقى الرجل بها قاتل أبيه، فلا يهيجه، وقرأ جمهور الناس: " واتخذوا "، بكسر الخاء، على جهة الأمر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقرأ نافع، وابن عامر، " واتخذوا " بفتح الخاء، على جهة الخبر عن من اتخذه من متبعي إبراهيم - عليه السلام - ومقام إبراهيم في قول ابن عباس، وقتادة، وغيرهما، وخرجه البخاري هو الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناوله إياها في بناء البيت، وغرقت قدماه فيه، و (مصلى): موضع صلاة.
* ص *: (من مقام): من تبعيضية على الأظهر، أو بمعنى: " في " أو زائدة،