والله أعلم، أظهر، أي: ولا تسأل عنهم سؤال مكترث بما أصابهم، أو بما هم عليه من الكفر الذي يوردهم الجحيم، نظير قوله عز وجل: (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) [فاطر: 8] وأما ما روي عن محمد بن كعب القرطي ومن وافقه، من أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل، ما فعل أبواي؟ فنزلت الآية في ذلك، فهو بعيد، ولا يتصل أيضا بمعنى ما قبله. وانتهى.
وقرأ باقي السبعة: " ولا تسأل "، بضم التاء واللام.
و (الجحيم): إحدى طبقات النار.
وقوله تعالى: (إن هدى الله هو الهدى)، أي: ما أنت عليه يا محمد من هدى الله هو الهدى الحقيقي، لا ما يدعيه هؤلاء، ثم قال تعالى لنبيه: (ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير) فهذا شرط خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم وأمته معه داخلة فيه.
* ت *: والأدب أن يقال: خوطب به صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، لوجود عصمته صلى الله عليه وسلم وكذلك الجواب في سائر ما أشبه هذا المعنى من الآي، وقد نبه - رحمه الله - على هذا المعنى في نظيرتها، كما سيأتي، وكان الأولى، أن ينبه على ذلك هنا أيضا، وقد أجاب عياض عن الآي الواردة في القرآن مما يوهم ظاهره إشكالا، فقال - رحمه الله -: اعلم، وفقنا الله وإياك، أنه - عليه السلام - لا يصح ولا يجوز عليه ألا يبلغ، وأن يخالف أمر ربه، ولا إن يشرك ولا أن يتقول على الله ما لا يجب أو يفتري عليه، أو يضل، أو يختم على قلبه، أو يطيع الكافرين، لكن الله أمره بالمكاشفة والبيان في البلاغ للمخالفين، وأن إبلاغه، إن لم يكن بهذا البيان فكأنه ما بلغ، وطيب نفسه، وقوى قلبه بقوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) [المائدة: 67] كما قال لموسى وهارون - عليهما السلام -: (لا تخافا) [طه: 46] لتشتد بصائرهم في الإبلاغ وإظهار دين الله، ويذهب