تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٢٤٢
وذهبت أرواحهم، ثم ردوا، لاستيفاء آجالهم، فحين حصلوا في ذلك الهمود، جعل موسى

و كان سلوكهم بهذا الطريق كفايا في الاستدلال على الوقوع بالدليل النقلي، و تفصيل ذلك مذكور في كتب العقائد.
كذلك اتفقت كلمة الأشاعرة على وقوع رؤية (تعالى) في الآخرة، و استدلوا على ذلك بالكتاب، و السنة، و الإجماع:
أما دلالة الكتاب: فقوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) [القيامة: 22 - 23] فالآية صريحة في أن وجوه المؤمنين المخلصين يوم القيامة متهللة من عظيم المسرة، يشاهد عليها نظرة النعيم. (إلى ربها ناظرة) أن تراه مستغرقة في مطالعة جماله، بحيث تغفل عما سواه، ففي حديث جابر، و قد رواه ابن ماجة: " فينظر إليهم، و ينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شئ من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحجب عنهم " و الحجاب من قبلهم لا من قبله (عز وجل)، فهذا يدل على أن المراد من النظر حقيقته، و هو الرؤية.
و وجه الاحتجاج في الآية الكريمة: أن النظر في الآية جاء موصولا بإلى، و كل ما كان كذلك فهو بمعنى الرؤية، فالنظر في الآية بمعنى الرؤية.
أما الصغرى، فدليلها الآية، و أما الكبرى، فيستدل لها بشهادة النقل عن أئمة اللغة وتتبع موارد الاستعمال، فقد نقل عن أهل اللغة أن للنظر معان عدة يتميز بعضها عن بعض بواسطة التعدية، فقد جاء النظر بمعنى الانتظار متعديا بنفسه قال الله تعالى: (انظرونا نقتبس من نوركم) [الحديد: 13] أي:
انتظرونا، و قول الشاعر: [الوافر] و إن يك صدر هذا اليوم ولى * فإن غدا لناظره قريب أي ينتظره.
وجاء بمعنى التفكر و يستعمل ب‍ " في " يقال: نظرت في الأمر الفلاني، أي تفكرت فيه، و جاء بمعنى الرأفة و التعطف، و يتعدى باللام، يقال: نظر الأمير لفلان، أي رأف به و تعطف.
و جاء بمعنى الرؤية، و يستعمل ب‍ " إلى " قال الشاعر: [الطويل] نظرت إلى من أحسن الله وجهه * فيان نظرة كادت على رامق تقتضي و مثل ذلك النظر في الآية، إذ جاء موصولا ب‍ " إلى "، فيجب حمله على الرؤية، فتكون واقعة في ذلك اليوم، و هو المطلوب. و لا يعكر أن النظر المستعمل ب‍ " إلى " يأتي بمعنى آخر غير الرؤية كالتأخير كما في قوله تعالى: (فنظرة إلى ميسرة " [البقرة: 280]. لأن لفظة " إلى " في الآية ليست صلة للنظر، بل لبيان المدة.
و قد اعترضت المعتزلة هذا الدليل، فمنعت صغراه (النظر في الآية موصول بإلى) قالوا: لا نسلم أن النظر في الآية موصول ب‍ " إلى "، لأنها ليست حرفا، بل هي اسم بمعنى النعمة واحد الآلاء، و مفعول به للنظر، يشهد لذلك ما قيل عن أهل اللغة أن الآلاء واحدها آلى، وأيلى، وألو، وإلى، وإلى. قال الأعشى:
أبيض لا يرهبه النزال ولا * يقطع رحما و لا يخون إلي أي نعمة أو بمعنى " عند " يؤيده قول الشاعر:
فهل لكم فيما إلي فإنني * طبيب بما أعيى النطاس حذيما أي فيما عند.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174