يعني العاقر الذي لا يولد له، وقاله ابن عباس. و " ما " على هذا نفي. وهو بعيد، ولا يصح إلا بإضمار الموصول، أي ووالد والذي ما ولد، وذلك لا يجوز عند البصريين. وقيل:
هو عموم في كل والد وكل مولود، قاله عطية العوفي. وروي معناه عن ابن عباس أيضا.
وهو اختبار الطبري. قال الماوردي: ويحتمل أن الوالد النبي صلى الله عليه وسلم، لتقدم ذكره، وما ولد أمته: لقوله عليه السلام: [إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم]. فأقسم به وبأمته بعد أن أقسم ببلده، مبالغة في تشريفه عليه السلام.
قوله تعالى: لقد خلقنا الانسان في كبد (4) إلى هنا انتهى القسم، وهذا جوابه. ولله أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته لتعظيمها، كما تقدم. والانسان هنا ابن آدم. " في كبد " أي في شدة وعناء من مكابدة الدنيا. وأصل الكبد الشدة. ومنه تكبد اللبن: غلظ وخثر واشتد. ومنه الكبد، لأنه دم تغلظ واشتد.
ويقال: كابدت هذا الامر: قاسيت شدته: قال لبيد:
يا عين هلا بكيت أربد إذ * قمنا وقام الخصوم في كبد قال ابن عباس والحسن: " في كبد " أي في شدة ونصب. وعن ابن عباس أيضا:
في شدة من حمله وولادته ورضاعه ونبت أسنانه، وغير ذلك من أحواله. وروى عكرمة عنه قال: منتصبا في بطن أمه. والكبد: الاستواء والاستقامة. فهذا امتنان عليه في الخلقة.
ولم يخلق الله جل ثناؤه دابة في بطن أمها إلا منكبة على وجهها إلا ابن آدم، فأنه منتصب انتصابا، وهو قول النخعي ومجاهد وغيرهما. ابن كيسان: منتصبا رأسه في بطن أمه، فإذا أذن الله أن يخرج من بطن أمه قلب رأسه إلى رجلي أمه. وقال الحسن: يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. وعنه أيضا: يكابد الشكر على السراء ويكابد الصبر على الضراء، لأنه لا يخلو من أحدهما. ورواه ابن عمر. وقال يمان: لم يخلق الله خلقا يكابد ما يكابد ابن آدم، وهو مع ذلك أضعف الخلق. قال علماؤنا: أول ما يكابد قطع سرته، ثم إذا