قوله تعالى: فوسطن به جمعا (5) " جمعا " مفعول ب " فوسطن "، أي فوسطن بركبانهن العدو، أي الجمع الذي أغاروا عليهم.
وقال ابن مسعود: " فوسطن به جمعا ": يعني مزدلفة، وسميت جمعا لاجتماع الناس.
ويقال: وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة، أي صرت وسطهم. وقرأ علي رضي الله عنه " فوسطن " بالتشديد، وهي قراءة قتادة وابن مسعود وأبي رجاء، لغتان بمعنى، يقال:
وسطت القوم (بالتشديد والتخفيف) وتوسطهم: بمعنى واحد. وقيل: معنى التشديد:
جعلها الجمع قسمين. والتخفيف: صرن في وسط الجمع، وهما يرجعان إلى معنى الجمع.
قوله تعالى: إن الانسان لربه لكنود (6) هذا جواب القسم، أي طبع الانسان على كفران النعمة. قال ابن عباس: " لكنود " لكفور جحود لنعم الله. وكذلك قال الحسن. وقال: يذكر المصائب وينسى النعم. أخذه الشاعر فنظمه:
يا أيها الظالم في فعله * والظلم مردود على من ظلم إلى متى أنت وحتى متى * تشكو المصيبات وتنسى النعم!
وروى أبو أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكنود، هو الذي يأكل وحده، ويمنع رفده (1)، ويضرب عبده). وروى أبن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بشراركم)؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال: (من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده). خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال: الكنود بلسان كندة وحضرموت: العاصي، وبلسان ربيعة ومضر: الكفور. وبلسان كنانة: البخيل السئ الملكة، وقاله مقاتل: وقال الشاعر:
كنود لنعماء الرجال ومن يكن * كنودا لنعماء الرجال يبعد