الآخر بمنقاره فيه فغسله). وفي حديث آخر قال: [جاءني ملك فشق عن قلبي، فاستخرج منه عذرة (1)، وقال: قلبك وكيع، وعيناك بصيرتان، وأذناك سميعتان، أنت محمد رسول الله، لسانك صادق، ونفسك مطمئنة، وخلقك قثم، وأنت قيم]. قال أهل اللغة: قوله [وكيع أي يحفظ ما يوضع فيه. يقال: سقاء وكيع، أي قوي يحفظ ما يوضع فيه. واستوكعت معدته، أي قويت وقوله: [قثم] أي جامع. يقال: رجل قثوم للخير، أي جامع له. ومعنى " ألم نشرح " قد شرحنا، الدليل، على ذلك قوله في النسق عليه: " ووضعنا عنك وزرك "، فهذا عطف على التأويل، لا على التنزيل، لأنه لو كان على التنزيل لقال: ونضع عنك وزرك.
فدل هذا على أن معنى " ألم نشرح ": قد شرحنا. و " لم " جحد، وفي الاستفهام طرف من الجحد، وإذا وقع جحد، رجع إلى التحقيق، كقوله تعالى: " أليس الله بأحكم الحاكمين " (2) [التين: 8].
ومعناه: الله أحكم الحاكمين. وكذا " أليس الله بكاف عبده " (3) [الزمر: 36]. ومثله قول جرير يمدح عبد الملك ابن مروان:
ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح المعنى: أنتم كذا.
قوله تعالى: ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) قوله تعالى: (ووضعنا عنك وزرك) أي حططنا عنك ذنبك. وقرأ أنس " وحللنا، وحططنا ". وقرأ ابن مسعود: " وحللنا عنك وقرك ". هذه الآية مثل قوله تعالى: " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " (4) [الفتح: 2]. قيل: الجميع كان قبل النبوة. والوزر: الذنب، أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية، لأنه كان صلى الله عليه وسلم في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا. قال قتادة والحسن والضحاك: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ذنوب أثقلته، فغفرها الله له " الذي أنقض ظهرك " أي أثقله حتى سمع