وطور سيناء. وهذا البلد الأمين " قال: وهكذا هي في قراءة عبد الله، ورفع صوته تعظيما للبيت. وقرأ في الركعة الثانية: " ألم تر كيف فعل ربك " [الفيل: 1]. و " لايلاف قريش " [قريش: 1] جمع بينهما. ذكره ابن الأنباري. النحاس: وفي قراءة عبد الله " سيناء " (بكسر السين)، وفي حديث عمرو بن ميمون عن عمر (بفتح السين). وقال الأخفش: " طور " جبل. و " سينين " شجر واحدته سينينية. وقال أبو علي: " سينين " فعليل، فكررت اللام التي هي نون فيه، كما كررت في زحليل: للمكان الزلق، وكرديدة: للقطعة من التمر، وخنذيد: للطويل. ولم ينصرف " سينين " كما لم ينصرف سيناء، لأنه جعل اسما لبقعة أو أرض، ولو جعل اسما للمكان أو للمنزل أو اسم مذكر لانصرف، لأنك سميت مذكرا بمذكر. وإنما أقسم بهذا الجبل لأنه بالشام والأرض المقدسة، وقد بارك الله فيهما، كما قال: " إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " [الاسراء: 1].
قوله تعالى: وهذا البلد الأمين (3) يعني مكة. سماه أمينا لأنه آمن، كما قال: " أنا جعلنا حرما آمنا " (1) [العنكبوت: 67] فالأمين: بمعنى الآمن، قاله الفراء وغيره. قال الشاعر:
ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني * حلفت يمينا لا أخون أمني يعني: آمني. وبهذا احتج من قال: إنه أراد بالتين دمشق، وبالزيتون بيت المقدس.
فأقسم الله بجبل دمشق، لأنه مأوى عيسى عليه السلام، وبجبل بيت المقدس، لأنه مقام الأنبياء عليهم السلام، وبمكة لأنها أثر إبراهيم ودار محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم (4) ثم رددناه أسفل سافلين (5) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: " لقد خلقنا الانسان " هذا جواب القسم، وأراد بالانسان:
الكافر. قيل: هو الوليد بن المغيرة. وقيل: كلدة بن أسيد. فعلى هذا نزلت في منكري