كذا، ولا والله لأفعلن كذا. وقيل: هي نفي صحيح، والمعنى: لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه، بعد خروجك منه. حكاه مكي. ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: " لا " رد عليهم. وهذا اختيار ابن العربي، لأنه قال: وأما من قال إنها رد، فهو قول ليس له رد، لأنه يصح به المعنى، ويتمكن اللفظ والمراد. فهو رد لكلام من أنكر البعث ثم ابتدأ القسم.
وقال القشيري: قوله " لا " رد لما توهم الانسان المذكور في هذه السورة، المغرور بالدنيا.
أي ليس الامر كما يحسبه، من أنه لن يقدر عليه أحد، ثم ابتدأ القسم. و " البلد ": هي مكة، أجمعوا عليه. أي أقسم بالبلد الحرام الذي أنت فيه، لكرامتك علي وحبي لك. وقال الواسطي أي نحلف لك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا، وبركتك ميتا، يعني المدينة. والأول أصح، لان السورة نزلت بمكة باتفاق.
قوله تعالى: وأنت حل بهذا البلد (2) يعني في المستقبل، مثل قوله تعالى: " إنك ميت وإنهم ميتون " (1). ومثله واسع (2) في كلام العرب. تقول لمن تعده الاكرام والحباء: أنت مكرم محبو. وهو في كلام الله واسع، لان الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة، وكفاك دليلا قاطعا على أنه للاستقبال، وأن تفسيره بالحال محال: أن السورة باتفاق مكية قبل الفتح. فروى منصور عن مجاهد:
" وأنت حل " قال: ما صنعت فيه من شئ فأنت في حل. وكذا قال ابن عباس: أحل له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء، فقتل ابن خطل (3) ومقيس بن صبابة وغيرهما. ولم يحل لاحد من الناس أن يقتل بها أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى السدي قال: أنت في حل ممن قاتلك أن تقتله. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: أحلت له ساعة من نهار، ثم أطبقت وحرمت إلى يوم القيامة، وذلك يوم فتح مكة. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، فلم