يعني فرقا فرقا. (ليروا أعمالهم) يعني ثواب أعمالهم. وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه، فإن كان محسنا فيقول:
لم لا ازددت إحسانا؟ وإن كان غير ذلك يقول: لم لا نزعت عن المعاصي)؟ وهذا عند معاينة الثواب والعقاب. وكان ابن عباس يقول: " أشتاتا " متفرقين على قدر أعمالهم أهل الايمان على حدة، وأهل كل دين على حدة. وقيل: هذا الصدور، إنما هو عند النشور، يصدرون أشتاتا من القبور، فيصار بهم إلى موقف الحساب، ليروا أعمالهم في كتبهم، أو ليروا جزاء أعمالهم، فكأنهم وردوا القبور فدفنوا فيها، ثم صدروا عنها. والوارد:
الجائي. والصادر: المنصرف. " أشتاتا " أي يبعثون من أقطار الأرض. وعلى القول الأول فيه تقديم وتأخير، مجازه: تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها، ليروا أعمالهم.
واعترض قوله " يومئذ يصدر الناس أشتاتا " متفرقين عن موقف الحساب. وقراءة العامة " ليروا " بضم الياء، أي ليريهم الله أعمالهم. وقرأ الحسن والزهري وقتادة والأعرج ونصر ابن عاصم وطلحة بفتحها، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) كان ابن عباس يقول:
من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيرا يره في الدنيا، ولا يثاب عليه في الآخرة، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة، مع عقاب الشرك، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا، ولا يعاقب عليه في الآخرة إذا مات، ويتجاوز عنه، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه، ويضاعف له في الآخرة. وفي بعض الحديث: (الذرة لا زنة لها) وهذا مثل ضربه الله تعالى: أنه لا يغفل من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة. وهو مثل قوله تعالى: