بنفسه فيه من غير روية. وقحم الفرس فارسه تقحيما على وجهه: إذا رماه. وتقحيم النفس في الشئ: إدخالها فيه من غير روية. والقحمة (بالضم) المهلكة، والسنة الشديدة. يقال:
أصابت الاعراب القحمة: إذا أصابهم قحط، فدخلوا الريف. والقحم: صعاب الطريق.
وقال الفراء والزجاج: وذكر " لا " مرة واحدة، والعرب لا تكاد تفرد " لا " مع الفعل الماضي في مثل هذا الموضع، حتى يعيدوها في كلام آخر، كقوله تعالى: " فلا صدق ولا صلى " (1) [القيامة: 31] " ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ". وإنما أفردوها لدلالة آخر الكلام على معناه، فيجوز أن يكون قوله: " ثم كان من الذين آمنوا " [البلد: 17] قائما مقام التكرير، كأنه قال: فلا اقتحم العقبة ولا آمن. وقيل: هو جار مجرى الدعاء، كقوله: لا نجا ولا سلم. (وما أدراك ما العقبة)؟
فقال سفيان بن عيينة: كل شئ قال فيه " وما أدراك "؟ فإنه أخبر به، وكل شئ قال فيه " وما يدريك "؟ فإنه لم يخبر به. وقال: معنى " فلا اقتحم العقبة " أي فلم يقتحم العقبة، كقول زهير:
وكان طوى كشحا على مستكنة * فلا هو أبداها ولم يتقدم (2) أي فلم يبدها ولم يتقدم. وكذا قال المبرد وأبو علي: " لا ": بمعنى لم. وذكره البخاري عن مجاهد. أي فلم يقتحم العقبة في الدنيا، فلا يحتاج إلى التكرير. ثم فسر العقبة وركوبها فقال:
" فك رقبة " وكذا وكذا، فبين وجوها من القرب المالية. وقال ابن زيد وجماعة من المفسرين: معنى الكلام الاستفهام الذي معناه الانكار، تقديره: أفلا اقتحم العقبة، أو هلا اقتحم العقبة. يقول: هلا أنفق ماله في فك الرقاب، وإطعام السغبان، ليجاوز به العقبة، فيكون خيرا له من إنفاقه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم. ثم قيل: اقتحام العقبة ها هنا ضرب مثل، أي هل تحمل عظام الأمور في إنفاق ماله في طاعة ربه، والايمان به. وهذا إنما يليق بقول من حمل " فلا اقتحم العقبة " على الدعاء، أي فلا نجا ولا سلم من لم ينفق ماله في كذا وكذا. وقيل: شبه عظم الذنوب وثقلها وشدتها بعقبة، فإذا أعتق رقبة وعمل صالحا، كان مثله كمثل من اقتحم العقبة، وهي الذنوب التي تضره وتؤذيه وتثقله. قال