وقال ابن عطاء: العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين. وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله " (1) [الرعد: 38]. وقيل: المطمئنة بالايمان، المصدقة بالبعث والثواب. وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت، وعند البعث، ويوم الجمع. وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة. والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع. قال الحسن البصري: إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها. وقال عمرو بن العاص:
إذا توفي المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: " اخرجي أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن زايد: قرأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيتها النفس المطمئنة "، فقال أبو بكر: ما أحسن هذا يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [إن الملك سيقولها لك يا أبا بكر]. وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم ير على خلقته طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر - لا يدري من تلاها -: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ".
وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه حين وقف بئر رومة (2). وقيل: نزلت في بيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة، وجعلوا وجهه إلى المدينة، فحول الله وجهه نحو القبلة. والله أعلم.
معنى (إلى ربك) أي إلى صاحبك وجسدك، قاله ابن عباس وعكرمة وعطاء. واختاره الطبري، ودليله قراءة ابن عباس " فادخلي في عبدي " على التوحيد، فيأمر الله تعالى الأرواح غدا أن ترجع إلى الأجساد. وقرأ ابن مسعود " في جسد عبدي ". وقال الحسن:
ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته. وقال أبو صالح: المعنى: ارجعي إلى الله. وهذا عند الموت.